في محاضرة حول أهم التنقيبات الأثرية
الكويت مفتاح الخليج .. تاريخيا
سلطان الدويش وشهاب عبد الحميد
محمد حنفي
ضمن فاعليات مهرجان «صيفي ثقافي 6» الذي يقيمه المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، أقيمت على مسرح متحف الكويت الوطني محاضرة حول أهم المكتشفات للتنقيبات الأثرية للبعثات المشتركة لموسم 2011 ـ 2010، ألقاها مراقب الآثار في المجلس الوطني سلطان مطلق الدويش، وقام بالتعقيب عليها مدير إدارة الآثار والمتاحف في المجلس شهاب عبدالحميد شهاب.
بدأ الدويش بالحديث عن آخر الاكتشافات الأثرية لسواحل جون الكويت الشمالية الغربية التي حققها فريق الكويت مع البعثات الأثرية من خلال تقسيم محاضرته إلى ثلاثة محاور:
الأول تناول من خلاله قرية بحرة التي استوطنت منذ الألف الخامس قبل الميلاد، وخلال أعمال التنقيب تم الكشف عن مبان سكنية مستطيلة الشكل ومتداخلة مما يوحي بأننا أمام مبنى ضخم يشابه مبنى المعبد في مدينة العبيد في بلاد الرافدين، وكان الفخار والصوان والأدوات من الأصداف البحرية أكثر مكتشفات البعثة التي بهرت المنقبين.
مستوطنة كاظمة
أما المحور الثاني فقد تناول فيه الدويش مستوطنة كاظمة الإسلامية بمنطقة كاظمة، وقد عمل فريق التنقيب في ثلاثة مواقع بالمنطقة تشمل المنطقتين السكنيتين A و E بالإضافة إلى منطقة المقابر G، وجرى التنقيب في الطبقات الاستيطانية وتم الكشف عن خاتم من البرونز، وأداة كحل، وكسر فخارية.
وتناول المحور الثالث تلال المدافن والآبار القديمة التي أخذت وقتا طويلا استمر خمس سنوات في منطقة الصبية، وكشف فريق التنقيب عن جانب مهم من العقائد الجنائزية للدفن خلال الفترة التي سبقت الميلاد والتي كانت تستخدم طريق القرفصاء في الدفن، واستعرض الدويش في هذه المحاور العديد من نماذج المدافن التي كانت سائدة في منطقة الصبية.
جزيرة فيلكا
وتحدث الدويش عن آخر نتائج التنقيب في جزيرة فيلكا حيث تم العمل في مواقع تعود لفترات زمنية مختلفة، بدءا من العصر البرونزي وانتهاء بالعصر الإسلامي، وتم الكشف في أحد المواقع عن طبقات استيطانية تجاوزت الألف الثاني قبل الميلاد، حيث دلت النتائج في المنطقة الواقعة بين قصر الحاكم والمعبد البرجي عن وجود ورشة عمل لبناء القصر والمعبد وعثر في هذه الطبقات على مواد مهمة مثل: أختام دلمون المميزة وبعض الأسلحة بالإضافة إلى نواح معيشية مثل عظام السمك والأبقار والماعز والخراف.
أما في موقع العوازم الواقع شرق الجزيرة، فأكدت النتائج وجود استيطان بسيط إبان العصر البرونزي، بينما استغل الموقع في فترات حديثة، وهناك نتائج سابقة تؤكد استخدام هذه المنطقة من قبل الصيادين لنصب الشباك والاستراحة في حجرات أقاموها لهذا الغرض.
وفي موقع القرينية وهي احدى القرى القديمة على الساحل الشمالي للجزيرة كشفت نتائج التنقيب عن منازل صممت على الطراز العربي المحلي حيث يتكون المنزل عادة من فناء تحيط به الدور التي خصصت لأغراض معيشية مختلفة.
وختم الدويش محاضرته قائلا إن نتائج التنقيب الأخيرة غيرت معالم تاريخ الجزيرة، ففي حين كان يعتقد سابقا أن الجزيرة استوطنت في حدود بداية الألف الثاني قبل الميلاد دلت النتائج الأخيرة على أن تاريخ الاستيطان كان مع نهاية الألف الثالث قبل الميلاد.
ثقافة متميزة
من ناحيته عقب شهاب عبد الحميد من خلال محاضرة الدويش قائلا: إننا نستطيع أن نؤكد أن الكويت هي مفتاح التاريخ القديم لمنطقة الخليج العربي وخاصة جزره، وقال إن جميع دول الخليج تركز حاليا على مستوطنات فترة العبيد في منطقة العبيد، وهذه المنطقة لم تأت من بلاد الرافدين وإنما من منطقة الجزيرة العربية، والدليل أن هذه المنطقة كانت مستقرة ولها إنتاج ثقافي مميز بها ويختلف تماما عن بلاد الرافدين.
كما تحدث شهاب عن المدافن التي تم العثور عليها من قبل الفريق الكويتي التي لم تكتشف إلا في عام 1999، والآن بدأنا نتبع الدراسات التي نشرت عن مملكة دلمون التي تشير إلى احتمال وقوع هذه المدافن على الطريق التجاري الصحراوي لدلمون الذي يأتي من السعودية ويتجه إلى الرافدين.
ثم تحدث عن انتقال الحضارة من اليابسة إلى الجزر مثل جزيرة فيلكا، وقال إن هناك العديد من المشاكل التي تعترض الوصول إلى تاريخ فيلكا الحقيقي، ولكن التنقيبات الأخيرة ساعدتنا على تحديد معالم التاريخ القديم لفيلكا خاصة بعد اكتشاف القرية المسيحية، حيث بدأ يتبلور الوجود المسيحي في منطقة الخليج وإن كان هناك تضارب بين المصادر التاريخية والمعطيات الأثرية.
تطوير العاصمة خطر
وفي نهاية المحاضرة رد الدويش وشهاب على أسئلة الحاضرين، وكان من بينها سؤال للدكتور سعود العصفور أستاذ التاريخ في جامعة الكويت يتعلق بالتنقيب عن آثار منطقة الكويت القريبة، التي تعود إلى 300 سنة، وهي منطقة التوطن الحضري مثل شرق وجبلة والمرقاب قبل أن تطالها أيدي التغيير أو ما يطلق عليه تطوير العاصمة.
ورد الدويش قائلا إن المجلس الوطني يبذل جهودا كثيرة في هذا الإطار، وهناك بعض المواقع التي تم التنقيب فيها مثل: موقع مكتبة البابطين والمدرسة القبلية والبنك المركزي والمكتبة الوطنية والقرية التراثية، بينما قال شهاب إننا نستشعر الخطر منذ بداية الثمانينات لأن هذه المنطقة جزء من التراث الإنساني، لكن هذا الأمر يتطلب تضافر جميع الجهود من المجلس الوطني وجمعيات النفع العام وكذلك جميع وزارات الدولة.
وفي سؤال للزميل محمود حربي عن استخدام DNA في الكشف عن عظام الهياكل التي تكتشف في التنقيبات قال الدويش: إننا حاولنا أكثر من مرة ولكن الأمر كان صعبا في البداية، وهناك دراسة شاملة حاليا عن العظام تقوم بها البعثة البريطانية، وبالمقارنة مع الشرق الأوسط في سوريا وبلاد الرافدين والخليج العربي اعتقد أنهم سيتوصلون إلى تحليل العظام قريبا.
بعض اللقى الأثرية المكتشفة