يقول بروكهارت
في كتابه المخطوط سنة 1816م (1)
أثناء رحلته إلى السويس والبحر الأحمر:- وفي ذي الحجة عام 1231هـ قصدت السويس وصحراء البحر الأحمر ووصلنا إلى وادي حجازه وهذا المحل بين القصير وقوص ومنزل عربان بني عازم وجمعهم العوازم وهم من أعالي نجد بجزية العرب وسألت عبدا يرعى إبل لهم بأن يدلني على شيخهم فطلب أن أتبعه ثم قادني لبيت من الخيش بعمد كثيرة ومزخرف ونادى باسم الشيخ واسمه سالم بن مرشد، وخرج إلينا الشيخ المخيب وقور يبدو على وجهه الوقار والهيبة وقابلني بالترحاب والإكرام وبعدما أتو لنا بالغداء أنا والشيخ وبعض رجاله وشربنا قهوته سألني فأخبرت بأني الشيخ حاج إبراهيم بن المهدي بن عبد الله بوركهارت اللوزاني الرحالة فأعلمته بقصدي ونيتي فرحب الشيخ بإضافتي وكان بجوار الشيخ قاضيهم ويسمى سالم أيضا وأردت أن أتجول في الصحراء فأبلغت الشيخ فأرسل معي ثلاثة فتيان أذكر محمد بن نافع وسالم بن سليم وعايد بن سالم وكانت لهم إبل وغنم تحوس في الوادي وممن حدثوني القاضي سالم وهم قبيلة عرية من الحجاز وأعالي نجد قبيلة هوازن ولهم باقي القبيلة الجزيرة ويقول سالم قاضيهم بأنه يذهب إلى هناك يقضي ويعود وأنهم رحلوا من بلادهم أثر حروب مع الشريف يقول الشيخ الشريف الله يلعنه شتتنا وأنهم رحلوا أثر قتال مع قبيلة أخرى أظنه قال جهينة وقد استوطن العوازم بعد نزولهم مصر هذا المكان وهم عرب من الحجاز والعوازم عرب متمسكين بعاداتهم وتقاليدهم البدوية الأصيلة فنسائهم لا يرونهم الأغراب ويلبسن ثيابا سدوا على وجوههن البرقع المحلى بالخرز والأصداف لا تبدوا منه إلا أعينهم.
وفي كتاب العرب والعروبة (2) أن القبائل العربية التي انحدرت من الجاز مثل العوازم ومزينة وجهينة وبلى وخويلد وبني واصل وعبس والعزازمة والرشايدة وغيرهم هي جزء من القبائل العربية الصريحة التي طرأت على القطر المصري بعد الإسلام .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــ
1- بوركهارت: كتاب مخطوط ملاحظات حول القبائل العرب في وادي النيل وصعيد مصر، الصفحة الأولى من الجزء الثاني سنة 1231 هـ المصدر سويسرا.
2- محمد دروزة: العرب والعروبة في حقبة التغلب التركي من القرن الثالث إلى الرابع عشر الهجري،ط2 سنة 1401هـ- 1981م المطبعة العصرية- صيدا، المجلد الثالث، ج7 ص113 إلى 119.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــ
نزول العوازم في مصر
في مجلة العرب (1) يقول الأستاذ الفاضل/ حسن محمد عواد الجابري (2) العازمي نزل العوازم مصر منذ أكثر من قرنين من الزمان، وتسجل ذاكرة الأجيال ويذكر المسنون من أهل الخبرة من العوازم أن من أول نزل منهم فخذ بنو سالم وبعض بيوت من فخذ الخواورة، يدعون: (ذوي سلام) فلما حدثت الهجرة التالية للعوازم بعد سنين وفيها ثلاثون رجلا من أفخاذ العوازم الحالية على رأسهم عودة بن رشدان الجابري الذي كان عقيدا للقوم (أميرا) استقروا بالقرب من حاجزة في قوس جنوب قنا – وهي البلدة التي ينزل عليها كل وافد من الجزيرة العربية من ميناء (القصير) سمع بنو سالم بالعوازم،، فانضموا إليهم، ولعل الاسم الذي أطلق على بني سالم من وقتها – وهو الريافا- راجع إلى بني سالم استوطنوا الريف وعاشوا وسط الفلاحين فترة قبل أن يأتيهم بنو عمومتهم من الجزيرة، غير أن بني سالم يقال أنهم أقاموا قبل العوازم في بلدة تدعى ريفة من أعمال أسيوط وما والاها لعل التسمية اشتقت منها – أما ما ارجحه وأرها أقرب للصواب فهو أن بني سالم كانوا – حسب ما يروى – على درجة عالة من معرفة مواضع الماء وهذا أمر يعرف عند العرب بالريافا وهي كما قيل: نوع من الفراسة [يعرف بها] مواضع الماء في الأرض بعض العلامات كشم التراب والنبات ويقال أن في الحجاز نجد من يعرف بذلك إلى الآن وكان في نزول العوازم الثلاثين من أفخاذ العوازم الحالية ما يلي: الجوابرة (بنو جابر) آل سياف، الخواورة، الجرابات، السعادين، السراحنة، ثم توالت هجرات العوازم بعد ذلك تترى فرادى وجماعات حتى كان آخرها نزول آل صبحي وآل مسلم قبل ما يقرب من مائة وثلاثين عاما على أثر نزاع مع الحويطات وقد كانوا وسطهم أقلية وقد كان بين العوازم وهم بعض من الخواورة وبنو سالم، وإشارة علماء الحملة الفرنسية والتي بقيت في مصر ثلاث سنوات من 1798-1801م) إلى كيان قائم كالعزيزي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
1-الجاسر: مجلة العرب (مقال للأستاذ الفاضل: حسن بن محمد عواد العازمي (مصر) ، ج9 – 10، سنة 1418هـ، ص 661-674.
2- الجوابرة: عشيرة كريمة من العوازم في مصر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ
يدل على وجود تلك القبائل بما يهم العوازم قبل الحملة بفترة طويلة، وقد انفصل العوازم بعمدتها فيما بعد عن العزيزي، ولا يعين عمدة للقبيلة إلا إذا بلغت النصاب الذي يسمح بتعين العمدة ولذا ظلت العرينات والقزايزة مع العمدة العزيزي حتى إلغاء أنظمة البدو العرفية وعمدياتها ثورة يوليو 1952م .
وقد نزل العوازم (1) الثلاثون بإبلهم الكثيرة التي قيل أن وادي النيل لا يسعها إلا في موسم الخريف وأيام الحصاد أما بقية العام فتقضيها في وادي قنا ووديان ا سيوط والأودية الفرعية الصغيرة في الصحراء الشرقية الأمر الذي يجعلني لا أركب الشطط إن قلت: إن نزول العوازم يرجع للقحط والجفاف الذي ساد الجزيرة العربية في المائتي عام الماضية .
العوازم والحملة
الحمل هي نقل التجارة من مياء القصير وسفاجا على البحر الأحمر إلى قنا ومن ثم تنقل عبر النيل إلى الشمال وهذا كان قبل اتصال البحر الأحمر بالبحر المتوسط عند برزخ السويس – 1869م بافتتاح قناة السويس- وكانت قبيلة العبابدة تنقل التجارة قبل ذلك التاريخ بسنوات بعيدة من سفاجا والقصير إلى القنا، فلما نزل العوازم بإبلهم الكثيرة أخذوا الحملة من العبابدة نقلا وحراسة من العربان الذين كثيرا ما يغيرون عليها عند مرورها بالصحراء الشرقية من البحر لقنا، ولعل هذا أول ما أثار حفيظة الكثير من العوازم الذين تمكنوا في وقت قليل وبعد قليل – بعضة وثلاثين رجلا- من أخذ الحملة من قبيلة كالعبابدة ثم حدث بعد ذلك بسنوات أمر تلك أثرا واضحا على علاقة العوازم بغيرها من القبائل التي كانت موجودة ف مصر وهي معركة الفرطلة (بكسر الفاء وسكون الراء مع كسر الطاء وتشديد اللام بفتح .
معركة الفرطلة
الفرطلة اسم موضع في نهاية وادي قنا بالصحراء الشرقية حدثت فيها أول معركة للعوازم على أرض مصر وفيها انتصارهم وهم المدوي والذي عاشوا على مجده إلى الآن وظل الكبير يرويه للصغير ويحق لهم ذلك الانتصار يستحق أن يخلده وقصته تتلخص في الآتي: في أحدالأعراس عند العوازم لتزويج أحد شباهنم أتى راعيهم ويدعى ظاعن الجهني بأمور في (السامر) لم ترض العوازم وكان ظاعن هذا قدن نزل هو أخوه ظويعن وأمهما وأخوات لهما مع العوازم في الجزيرة يرعى في إبلهم، ويعيش بينهم كواحد منهم فلما حدث ما حدث في العرس ضربه أحد العوازم أمام الناس مما جعل جهينة الحضر والتي كانت تشهد العرس وتقيم في البلدة المجاورة للعوازم وهي حجازة من أعمال قوص تتحرش ضد العوازم الأمر الذي جعل قبيلة حرب والتي تقيم مع جهينة في نفس البلدة منذ زمن بعيد تتفيق مع العوازم ضد جهينة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
1-الجاسر: مجلة العرب (مقال للأستاذ الفاضل: حسن بن محمد عواد العازمي (مصر) ، ج9 – 10، سنة 1418هـ، ص 661-674.