لقد اصطفى اللهُ الأنبياءَ والرسلَ عليهم الصلاة السلام وخصَّهم بصفات وشمائل
لم يعطها لغيرهم من خلقه
ودين كلّ واحد منهم هو الإسلام
فكلُّهم دعَوا إلى عبادة الله وحده وعدمِ الإشراك به شيئًا والتصديقِ بأنبيائه،
ولكنّ شرائعهم مختلفةٌ .
إن المرسلين قاطبة يَنتسِبون إلى أصلٍ واحد،
هو الدين القيِّم، الذي ارتضاه الله لنفسه،
وشرَعه لعباده .
كل الرسل أُمِرُوا بتوحيد الله وإخلاص العبادة له، كل الرسل نُهوا عن الشرك،
كل الرسل أمروا أقوامهم بأن يصدقوا الرسل وبأن يعظموا الأوامر والنواهي .
فالإسلام دين الرسل جميعًا،
وهو : توحيد الله والإخلاص له،
والإيمان بكل رسول،
وتعظيم الأوامر والنواهي في كل شريعة .
أما الشرائع، فإنها تختلف من شريعة لأخرى
كما قال الله تعالى :
{ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا }
قال تعالى : { إنّ الدين عند الله الإسلام }
سورة آل عمران (19) .
قال تعالى : { قل آمنّا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من رّبّهم لا نفرّق بين أحد مّنهم ونحن له مسلمون *
ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين } .
سورة آل عمران ( 84 - 85)
قال تعالى : { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مّسلمين }سورة يونس (84) .
وقال جل وعلا : { فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله آمنّا بالله واشهد بأنّا مسلمون } سورة آل عمران (52).
وقال تعالى : { ... هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة إبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل .... }
سورة الحج ( 78) .
إبراهيم عليه السلام
قال تعالى : { وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا قل بل ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين * قولوا آمنّا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق و يعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من رّبّهم لانفرّق بين أحد مّنهم ونحن له مسلمون } .
سورة البقرة ( 135 - 136 )
وقال تعالى : { ما كان إبراهيم يهوديّا ولا نصرانيّا ولكن كان حنيفا مُسلما وما كان من المشركين } . سورة آل عمران (67)
يعقوب عليه السلام
قال تعالى : { إذ قال له رَبُّه أسلم قال أسلمتُ لربّ العالمين * ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بنيّ إنّ الله اصطفى لكم الدّين فلا تموتنّ إلا وأنتم مسلمون }.
سورة البقرة (131 - 132).
إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام
قال تعالى : { وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربّنا تقبّل منّا إنّك أنت السّميع العليم * ربّنا واجعلنا مسلميْن لك ومن ذرّيّتنا أُمّة مّسلمةً لك وأرنا مناسكنا وتب علينا إنّك أنت التّوّاب الرّحيم } .
سورة البقرة (127 - 128)
وقال تعالى :
{ ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنّبوّة ثمّ يقول للنّاس كونوا عباداً لّي من دون الله ولكن كونوا ربّانييّن بما كنتم تعلّمون الكتاب وبما كنتم تدرسون *
ولا يأمركم أن تتّخذوا الملائكة والنّبّيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مُسلمون } .
سورة آل عمران ( 79 - 80 ) .
نوح عليه السلام
قال تعالى : { فإن تولّيتم فما سألتكم مّن أجر إن أجري إلاّ على الله وأُمرت أن أكون من المسلمين } . سورة يونس (72)
موسى عليه السلام
قال تعالى : { وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكّلوا إن كنتم مّسلمين } . سورة يونس (84)
وقال تعالى : { إنّا أنزلنا التّوراة فيها هدى ونور يحكم بها النّبيّون الّذين أسلموا للّذين هادوا والرّبّانيون والأحبار ... } .
سورة المائدة (44)
يوسف عليه السلام
قال تعالى : { ربّ قد آتيْتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السّموات والأرض أنت وليّ في الدّنيا والآخرة توفّني مسلماً وألحقني بالصّالحين } .
سورة يوسف (101)
عيسى عليه وعليها السلام
قال تعالى : { فلمّا أحسّ عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريّون نحن أنصار الله آمنّا بالله واشهد بأنّا مسلمون }. سورة آل عمران (52)
وقال تعالى : { وإذ أوحيت إلى الحواريّن
أن آمنوا بي وبرسولي قالوا آمنّا واشهد بأنّنا مسلمون } .
سورة المائدة (111)
إبراهيم عليه السلام
قال تعالى : { وجاهدوا في الله حقّ جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدّين من حرج مّلّة أبيكم إبراهيم هو سمّاكم المسلمين من قبل ... } سورة الحج (78)
لوط عليه السلام
قال تعالى : { فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت مّن المسلمين } . سورة الذاريات (35 - 36) .
سليمان عليه السلام
قال تعالى : { قالت يا أيّها الملؤا إنّي ألقي إليّ كتاب كريم * إنّه من سليمان وإنّه بسم الله الرحمن الرحيم * ألاّ تعلوا عليّ وأتوني مسلمين } سورة النمل 29 - 31
وقال تعالى : { قال يا أيّها الملؤا أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين } .
سورة النمل 38
وقال تعالى : { فلمّا جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنّه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنّا مسلمين } سورة النمل 42
وقال تعالى :
{ قيل لها أدخلي الصّرح فلمّا رأته حسبته لُجّة وكشفت عن ساقيها قال إنّه صرح مّمرّد مّن قوارير قالت ربّ إنّي ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله ربّ العالمين } .
سورة النمل 44
قال تعالى : { الّذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون * وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا إنّه الحقّ من رّبّنا إنا كنّا من قبله مسلمين ) . سورة القصص (52 - 53) .
وعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قالَ :
قالَ رَسُولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ :
( أنا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ فِي الدُّنْيَا والْآخِرَةِ ، والْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ ، أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى ودِينُهُمْ وَاحِدٌ )
رواه البخاري ومسلم في صحيحَيْهِما .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" معنى الحديث أن أصل دينهم واحد وهو التوحيد وإن اختلفت فروع الشرائع " .
_ فتح الباري ( 6 / 489 ) .
قال العلاّمة ابن عثيمين رحمه الله :
المسألة السادسة : أنّ دين الأنبياء واحد .
أخذها من قوله تعالى :
{ ولَقَدْ بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ، ومثله قوله تعالى :
{ وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون }
سورة الأنبياء 25
وهذا لا ينافي قوله تعالى :
{ لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا }
سورة المائدة 48
لأنّ الشِرعةَ العملية تختلف باختلاف الأمم
والأماكن والأزمنة ، وأما أصل الدين ،
فواحد ، قال تعالى : { شرع لكم من الدين
ما وصّى به نوحا والذي أوحينا إليك
وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى
أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه }
سورة الشورى 13
_ القول المفيد على كتاب التوحيد
( 1 / 57 - 58 ) .
فالشرائع تختلف من أمة إلى أمة،
والله سبحانه وتعالى يشرع لكل نبي ما يناسب أحواله وأحوال أمته، لكن دين الأنبياء واحد،
وهو التوحيد، وهو الإسلام، وهو توحيد الله، وإخلاص الدين له والتحذير من الشرك، وتعظيم الأوامر والنواهي، والإيمان بكل نبي .
فالشرائع تختلف !
ففي شريعة التوراة مثلًا : يجب القصاص
وهو قتل القاتل فقط وليس هناك دية ولا عفو،
وفي شريعة الإنجيل شريعة عيسى
عليه السلام يجب العفو .
ولهذا جاء في الإنجيل : " من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر "،
أما في شريعتنا فهي أكمل الشرائع؛
إذ صار ولي القتيل مخيَّرٌ بين القصاص
وبين العفو إلى الدية، وبين العفو مجانًا،
فالشرائع تختلف : ففي شريعة يعقوب
عليه السلام مثلا جواز الجمع بين الأختين،
وفي شريعتنا المنع من ذلك .
فالشرائع تختلف من أمة إلى أمة،
والله سبحانه وتعالى أعلم .
موقع فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي
حفظه الله
http://portal.shrajhi.com/Books/ID/9634
http://portal.shrajhi.com/Media/ID/8568
قال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" فالكتب المنزلة من السماء وآخرها القرآن كلها تدعو إلى توحيد الله والإخلاص له وطاعة أوامره وترك نواهيه " .
_ الفتاوى ( 6 / 35 ) .
قال تعالى : { اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا }
[ سورة المائدة : 3 ]،
وقال تعالى : { ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وهو في الآخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ }
[ سورة آل عمران : 85 ] .
أيّها المسلمون،
إنّ الناظرَ في سيرةِ الأنبياء والرّسل من لدُن آدمَ عليه السلام إلى خاتمهم محمّد
صلى الله عليه وسلم يجد أن دينَ الأنبياء واحد، وصراطهم المستقيم واحد،
{ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ }
[ آل عمران : 19 ] .
http://www.alminbar.net/alkhutab/khu...?mediaURL=6940