نهاية علم من أعلام قبيلة العوازم
بقلم : مبارك عقيل العقيل
شاعر الحرايب الكبير : سعود بن سعد الصقلاوي المحيلبي العازمي رحمه الله برحمته الواسعه 0
وهو من رجال قبيلة العوازم الذين أبلوا بلاء حسن للذود عن قبيلة العوازم، سواء بحضوره تلك المعارك أو لتصويره المعارك بالصورة التى سارت عليها معارك القبيلة فى حينه بلوحات شعرية 0
فى وصف المعركة التى حضرها الشاعر الصقلاوي ، ليسجل من خلال قصيده ، مآثر قومه وبطولاتهم 0
ويعرف شاعرنا الأجيال التى لم تحضرها ، فى مسير المعارك بصورة شعرية وكأن من يقرأ القصيده يكون ملم بما حدث لقبيلة العوازم ، من الأعداء الذين تكالبوا عليها ، من كل حدب ٍ وصوب ، ليفنوا قبيلة العوازم والقضاء عليها 0
كيف لا والعدوان متمثل فى سبع قبائل يفوقون العوازم بالعدد والعدة ، تحت راية ٍ موحدة ٍ وبقيادة عتاة الجزيرة العربية ، والذين تمردوا على السلطات فى حينه مثل :
1_ فيصل الدويش أمير قبيلة مطير 0
2_ وابن مشهور ومن تبعه من قبيلة عنزة 0
3_ وابن حثلين أمير قبيلة العجمان ومعه قبيلة العجمان 0
4_ ومقعد الدهينه من أمراء عتيبه ومن تبعه من عتيبه 0
5_ وعاصي بن مسيلم أمير قبيلة الرشايدة ومعه قبيلته 0
6_ جمع من الدواسر وكانوا بقيادة ابن حثلين 0
7_ ومجموعات من الذين ساروا معهم للكسب المادي من الكويت والزبير 0
وعلى الرغم من هذا كله وقف لهم الصقلاوي مصورا شجاعة رجال قبيلة العوازم الذين وقفوا لهؤلاء المهاجمين، مصورا لنا كيف استعر فيهم القتل من رجال مدافعين عن قبيلتهم ، حتى هرب منهم من لم يقتل ونجى بنفسه لا يلوى على شىء ، وواصفا شجاعة أبناء قبيلة العوازم للذود عن حماها 0
الصقلاوي
فهو شاعر لا يخشى من يتحداه
مثل :
ماصار بينه وبين أحد شيوخ القبائل بالاحساء فى مجلس الأمير عبدالله بن جلوي أمير الاحساء آنذاك 0
وقد قصد الصقلاوي قصيدة ٍ فى الحال ، وألقاها أمام بن جلوي والحاضرين بالمجلس ، متحديا شيخ القبيلة أمامهم
بدون مبالاة ٍ ولا خوف ومنها هذه الأبيات :
العوازم حربهم مثل داب ٍ فى شعيب = يانهشك بنيابه زاد خراشك خراش
ياعوى ذيب الردايف وجا ذيب لذيب = يالحسا ماتوصله كود بالرفاق وخشاش
""يالحسا ماتوصله كود
بالرفاق وخشاش"""
تصوير منطق القوة فى شعر الصقلاوي
تنهم السوده من الصيف رجعان وحبيب = دارنا اللي يوم ثار البـلا جينالهـا
نازلين الذل والخوف وشرب ياشريب = يوم كلن هايبن مابغا منزالها
دارنا هي دارنا لا عوى ذيبٍ لذيب = ما نهاب الموت ننـزل علـى نزالهـا
هجاء الصقلاوي
حتى فى الهجاء لم يسلم منه من لم يحضروا فى رضى ونقير من العوازم، ويبدي شجاعة نادره فى هجائه 0 وكاننا أمام جرير أو الفرزدق ، فلا تأخذه العاطفة والرحمة فمن يهجوه سعود الصقلاوي 0
يانديبي على اللي تقطع النيه = مثل طير دعاه الصبح جذابي
يم دهلوس والربع الجلاويه = ربعنا اللي ذكرنا يوم الأنشابي
عين تسهر وعين ترقد الفيه = تشرب الشاى وتراعي للأجلابي
فعلنا يا مقيضة الرميثيه = يعجب اللي تسموا عند الأجنابي
يوم جونا مثل سيل له نحيه = اعترضنا سوات الطعس شرابي
ضربنا فى مقاديم المعيضيه = مثل بيت ٍ تقشع منه الأطنابي
فن التصوير فى الشعر
فان الصقلاوي يجيد فى تصوير الوصف ، واليك تصويرة للحدث عندما اقتلوا العوازم حزام بن فوران من أمراء العجمان ، مذكرا اياه بعد قتله بأن هابس بن عشوان قد قتل فى مكان ٍ قريب منه ، وعليه أن يسير عليه ، حيث انهم قد قتلوا فى معركتين مختلفتين ولا يمنع نفسه بزيارته 0
ياحزام سير لهابس عندك قريب = قيض وخاو القرم فى دياره
من عاداتنا فى اللقا نذبح الطيب = وهذا جزا من علينا يسهج الغاره
وكما لا ينسى شاعرنا أن يعرج على ذكر أراضي قبيلته التى حموها رغم هول المعارك، وشراسة المهاجمين وعددهم الذى يفوق الوصف ، ووقوف رجال العوازم فى وجه أعدائهم ودحرهم عندما أكثروا بهم القتل ، مما أدخل الرعب فى قلوبهم من هول مارأوا من القتل لرجالهم 0
مما جعلهم ينهزمون وتركوا الجرحى والقتلى فى أرض المعركة لنجاة بأنفسهم ، والهروب من القتل المحتم اذا استمروا فى مهاجمتهم لقبيلة العوازم 0
ومع هذا يسجل شاعرنا بشعر حماسي وجميل وواصفا كيف قبيلته انتزعوا هذا النصر على أعدائهم عنوة وحموا مواطنهم بالمرهفات على مر الزمان فما ذلوا ولا تهاونوا لدفاع عنها 0
وكانت قصائدة روعة الروعة فى دقة الوصف لسير بطولة رجال قبيلة العوازم 0وكيف يتنقل من مشهد الى مشهد فى رقة ٍ حينا ، وفى عنف حينا آخر ، بحيث يشد الى سامع قصيد الصقلاوي ، ذوقا ووصفا شدا محكما 0
وشآءت الأقدار لشاعر سعود الصقلاوي أن يصاب بمرض الجدري 0
ونحن هنا نسجل لهذا الرجل العرفان بالجميل ، ونذكر له مواقفه ، وعندما أصيب بمرض الجدري ومن عادات أهل البادية عزل المريض بهذا الداء بعيدا عنهم فى كوخ، خوفا من العدوى أن تنتشر بينهم 0
وكان رحمه الله يسهر الليل من الألم ، أيضا بلا أنيس ولا ونيس يواسيه ، وهو محبوس بهذا الكوخ 0
وذات ليله سمع ذئبا يعوي ،وقد هاضه ذلك الذئب بعوائه 0
وقال هذه القصيدة
يا ذيب ياللي بالعوى لك تعبار= تبي العشا يوم احتدتك البوادي
ياذيب ربعي طوعو شر الأشرار = بمضمنات ٍيشعلن الفوادي
لا يذبحونك يوم حدتك الأقدار = عادتهم شر ٍعلى من يعادي
أحط من جثل الحطب وأوقد النار = وأضرب على جنب ٍتجلد وبأدى
بيت ٍ به المجدور ماهو بينزار = عوشر محل ومزول فى حمادي
لا وهني من باع بيته بمسيار = تالي النهار مسير ٍيم هادي
أبو سعود اللي على حل الاعسار = ناره على راس الطويله تنادي
وسير على اللغوي على بن وبهار = يوم ٍ علينا مثل العيادي
ياطير ياللي تنهض الريش بطيار = ود السلام وهات علم ٍ وكادي
وعندما سمع بهذه القصيدة صديقة الأشتف وهو مبارك بن خدعان العكيلي العازمي 0 رد عليه بهذه الأبيات :
قعدت لك ياذيب فى بوش طيار = بمشوك يودع عظامك رمادي
ياسعود والله ما لفت منك أخبار = أتلا العهد بك يومنا بالبلادي
الطير خفاق الجناحين بوار = ماوصلني يا عل يعطى الردادي
وحنا لهينا فى تطاريد الأخضار = نرعى العشب قبل الجرادي
ولقد انتقل الى رحمة الله عام 1942م رحمه الله برحمته الواسعه متأثرا بمرض الجدري 0
وعندما سمع بوفاته صديقه مبارك العكيلي ومتهولا من الألم الذي ألم به عندما سمع بوفاة الصقلاوي وهو صديقة الخاص 0 وكانه لم يفوق من الصدمه قائلا هذه الأبيات :
اسيلكم بالله امدير الأمانه = هو مات ولا دافنينه وهو حي
عليه حمى عجلت بنفضانه = الله عليكم ماصبرتو به شوي
عشيري اللي ما يعرف الخيانه = مصفط عليه الموت كود أصفطه لي
ماينفع القصاد كثر اللعبانه = لا يرجع الميت ولا يبعثه حي
رحمهم الله برحمته الواسعه 0 لوحات شعريه معبره ، بين اثنين من فطاحلة الشعر 0
المرجع : كتاب تحفة اليقين 0 لمؤلفه : براك السبيت ص 106_107_108_109
مع تحياتي
[/quote]