--------------------------------------------------------------------------------
للفائده هذه مجموعة مقالات كتبها المؤرخ الفاضل الشيخ
الباحث عبدالله بن سعد العضيدان في مجلة اليمامة عدد 1913ليوم السبت 5/6/1427هـ مقال
بعنوان :
منيع بن سالم طلسم لا سبيل إلى حله
أخي الكريم: راشد بن جعيثن..
يقال: إن (نقرة حضوضا) المعروفة في شمال المملكة العربية السعودية, والتي ورد لها ذكر في شعر (نمر بن عدوان) حيث قال:
دنق علي بمخلب لـه شهربـي
يـم الثريـا والكواكـب رقابـي
هام الجنوب وهام شرقِ وغربي
والحروة إنه للشمـال انتحابـي
مع مثل سلك العنكبوت انحدربي
ياعقاب في نقرة حضوضا رمابي
ويقال: إن نقرة حضوضا هذه تبتلع من يمشي فيها, ولم يعلم بعد عن أسرار بتلك النقرة.
وأقول إن وجه الشبه وارد بين هذه النقرة وبين ماذكرته بقولك: (أول قلطة في فك رموز الخلطة) التي عنونت بها مقالك في (مجلة اليمامة) في عددها (1910) السبت 14/5/1427هـ وبحكم كوني احد المتولهين بمجلتنا الحبيبة (مجلة اليمامة) ومن أول منتظريها في صباح كل يوم سبت, فأعتبر نفسي من الحضورعند القلطة الأولى ولكنني متردد في هل اقلط مع الأولين أم انتظر إلى القلطة الثانية, وسواء كنت مع هؤلاء أو مع أولئك فالغاية واحدة ألا وهي محاولة فك أحد رموزك التي لها بداية, واعتقد أن نهايتها بعيدة المنال, قياساً على محاولة حل رموز راشد الخلاوي التي وردت في أشعاره وفي أخبار ممدوحه منيع بن سالم, والتي دائماً يجعلها في عالم الرمز حيث يقول:
وفي كل فن ماعدا الشين قد قرا
وقرا الورى في عالم الرمز غالبه
أخي راشد إن في الشعر الشعبي أو النبطي سمه ماشئت كنوزا من الأخبار الصادقة والصالحة للاستدلال بها كمصادر تاريخية جديرة بالرجوع إليها, وخصوصا عند محاولة معرفة من هو منيع بن سالم الذي لا يمكن معرفته إلا عن طريق استقراء واستنطاق شعر راشد الخلاوي.
وحيث إن هذه الخلطة التي طلبت حل رموزها وضمن هذه الرموز (منيع بن سالم) وهل هو من آل زويمل أم من غيرهم فقد قررت أن أدلي بدلوي في حل رمز منيع بن سالم.
لذا أقول إن منيع بن سالم هو طلسم لا سبيل إلى حله إلا عن طريق شعر راشد الخلاوي, اللهم إلا إذا كُشف عن وثيقة لا يتطرق إليها شك, أو مخطوط مازال في مظانه وهذه أمور يصعب ولا أقول يستحيل إيجادها بعد مدة تزيد على ثلاثة قرون.
وقبل الإشارة إلى الدرب أو المنهج الذي سوف أسير عليه في اقتفاء اثر شيخي عبدالله بن خميس أطال الله عمره على طاعته, أود وصف البحث في أشعار الخلاوي بأنه كمن يبحث في طعس من الرمال المتهايلة التي تمدك بأكثر مما تأخذ منها.
ولنحتفظ لكل رائد من الرواد الأوائل كالشيخ عبدالله بن خميس والشيخ أبو عبدالرحمن الظاهري والشيخ عبدالعزيز عبدالله الربيعي والبابطين وغيرهم من الرواد الذين لهم السبق والفضل بريادة مجاهل ما تضمنته نصوص الأشعار التي سوف تكون منطلقا لنا عن أخبار منيع بن سالم وغيره ممن يجب التركيز عليهم بالبحث المتجرد للغاية على ماهي عليه.
ومن هنا قررت محاولة حل رمز راشد الخلاوي لا على معرفة وطنه وزمنه ونسبه فحسب, بل وعن وجود أحفاد لهذا العملاق وهل يوجد أحفاد لمنيع بن سالم؟ وإذا كان الجواب بالإيجاب فهل يعرف أحفاد كل منهما الآخر, وهل أحفادهما مازالوا في بلاد الآباء والأجداد أم أين هم على هذه البسيطة؟!
كما نشرت مجلة اليمامة في عددها 1915 ليوم السبت الموفق 19/6/1427هـ
مقال بعنوان :
الخلاف على الخلاوي عند المؤرخين هل جاء من شائك الشجر
ذكرت في مجلة اليمامة عدد 1913 السبت جماد الآخرة 1427هـ أنني سوف أناقش موضوع راشد الخلاوي وممدوحه منيع ابن سالم لا من حيث نسب, ووطن وزمن راشد الخلاوي فقط, بل وما إذا كان لهما أحفاد وغير ذلك مما يضيف جديداً عنهما أو يرفد قولاً أو أخباراً مما نشر في العديد من الصحف والمجلات والقصائد منذ ما يزيد على أربعة عقود. ولأولوية الزمن الذي عاش فيه راشد الخلاوي وممدوحه منيع ابن سالم, أقول أنهما عاشا معظم القرن الحادي عشر الهجري وعقدين أو يزيد قليلاً من القرن الثاني عشر الهجري, وهذا لا يعني أنني أنقل نصاً عن الشيخ عبدالله ابن خميس في تحديده عصر الخلاوي في كتابه ( راشد الخلاوي ), بل سوف أضيف ما يؤيد قول الشيخ عبدالله ابن خميس, ولكن بعد مناقشته في تغيير رأيه في عصر الخلاوي من القرن العاشر والحادي عشر الهجريين إلى القرن الحادي عشر والثاني عشر الهجري.
وقبل البدء بإيراد ملاحظاتي حول اقتناع عبدالله بن خميس من كون راشد الخلاوي وممدوحه عاشا في القرن الحادي عشر, أود إيراد نص ما قاله الشيخ عبدالله في مقدمة الطبعة الأولى حيث قال:-
"وهبك وجدت في آثار الخلاوي هنا رواية جاءت على غير ما تحفظ, أو زيادة على غير ما عندك, أو نقصاً عنه, أو رأياً رجحته يتبادر إليك أنه مرجوح.. فلا تعجل عليّ حينئذ باللوم, ولا تأخذني في سورة غضبك فلقد أفرغت الوسع في التحقيق, وبذلت الجهد في التدقيق, وعرضت قضايا هذه الدراسة على محك النقد وأداة التحميص.. ولا يلام المرء بعد الاجتهاد .. انتهى".
نعم يعترف له بالسبق وفضل ريادة أخبار الخلاوي, وأسمح لنفسي بإعلان أن الشيخ عبدالله ابن خميس أتى بما لم يأت به من أخبر عن الخلاوي قبله بأية وسيلة من وسائل الإخبار المعروفة, وبذل جهداً مضني لا شك فيه, وقال عن ما لاقاه :-
".. فكان ما لقيه صاحب هذه الدراسة من عنت وإرهاق في سبيل الحصول على أكثر ما يمكن الحصول عليه من هذه الآثار.. لا يماثله إلا طلب الثمر من شائك الشجر..".
وأقول أن الاستثناء الذي تجدر إليه الإشارة هو أن للشيخ عبدالله ابن خميس قولاً حول عصر الخلاوي وأنه (أي الخلاوي) كان من أهل القرن العاشر والحادي عشر الهجريين, انظر صحيفة اليمامة عدد 112 في 4/4/1386هـ, حيث قال:-
"وليس لدينا ما نجزم بتجديد الزمن الذي عاش فيه الشاعر غير أن الرواة متفقون على أنه عاش ما بين القرنين العاشر والحادي عشر الهجريين".
ولما صدرت الطبعة الأولى من كتاب راشد الخلاوي, جاء فيها عن عصر الخلاوي النص التالي:-
"أما قرنه الذي عاش فيه ( على وجه التقريب) فهو القرن الحادي عشر الهجري, أو أوائل القرن الثاني عشر, بدليل أن ممدوحه منيع بن سالم أحد أمراء الأحساء في عهد الإمارة الحميديه..".
وهنا يبدو أن الشيخ عبدالله اهتدى إلى معرفة عصر الخلاوي بحجة أن ممدوحه منيع ابن سالم هو أحد أمراء آل حميد الذين كان لهم إمارة في آخر القرن الحادي عشر وأول القرن الثاني عشر الهجريين, وحتى يصدق هذا الاستدلال, لا بد من ثبوت أن منيع ابن سالم من أمراء آل حميد وهنا نصطدم بأن منيع ابن سالم ممدوح راشد الخلاوي ليس من آل حميد بل من آل جبر حيث كان هو آخر أمراء آل جبر وأنه انحدر إلى العراق في نهاية القرن العاشر الهجري ؟؟ حسب ما حققه الشيخ أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري في كتابه (أنساب الأسر الحاكمة في الأحساء). وإلى هنا أقول أننا بين النتائج التي تعارضت بين ما توصل إليه عبدالله ابن خميس وبين ما توصل إليه أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري. ولا شك أننا انتهينا إلى مفترق طرق, أحدها يأخذنا إلى بداية القرن الثاني عشر الهجري حسب ما يرى ابن خميس, بينما يأخذنا الرأي الآخر إلى آخر القرن العاشر الهجري حسب ما يرى أبو عبدالرحمن ابن عقيل الظاهري, ولا أرى مرجّحاً لأي من الرأيين على الآخر, ولا ما إذا كان منيع ابن سالم من بني خالد على ما يرى ابن خميس, أم من آل جبر على ما يرى أبو عبدالرحمن.
والتساؤل الذي يجب طرحه هو :-
هل نبحث عن عصر الخلاوي بواسطة معرفة مِن مَن منيع ابن سالم ؟؟ أم نبحث عن العصر الذي عاش فيه الخلاوي ليتحدد لنا من هو منيع ابن سالم ؟؟
عبدالله بن سعد العضيدان في مجلة اليمامة عدد 1918
يوم السبت الموافق 4/7/1427هـ
بعنوان :
الشواهد في عصر الخلاوي راشد
سبق قولي إن عصر الخلاوي هو معظم القرن الحادي عشر وعقدين ونيف من القرن الثاني عشر الهجري , ولإثبات هذا التحديد لعصر الخلاوي استشهد بثلاثة نصوص اتفقت جميعها على أن عصر الخلاوي هو أخر القرن الحادي عشر وأول القرن الثاني عشر الهجريين كما أن هناك عددا من الدلالات التي تؤيد هذا النصوص الثلاثة أو تزيدها تأكيدا لتحديد العصر موضوع البحث والنصوص التي اعتمدتها بقولي في مقال سابق إنني سوف أضيف ما يؤيد تحديد الشيخ عبدالله بن خميس لعصر الخلاوي هي :
أولا : جاء في كتاب ( مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود ) للشيخ مقبل بن عبدالعزيز الذكير قوله: (ثبت عندي أن الخلاوي عاش في أول القرن الثاني عشر الهجري ).
ثانياً : ذكر الدكتور / عبدالحكيم بن عبدالرحمن العواد , في مقال نشره على صفحة ( خزامي الصحاري) في جريدة الرياض , عدد 11402 الأحد جمادى الآخرة 1420هـ وموضوع المقال هو ( الدرسعي والابجدي والريحاني) قال : ( إن الابجدي هو الأول أما الدرسعي والريحاني فبعد ذلك ( حسبما يرويه كبار السن في سلطنة عمان ودولة الإمارات) في زمن الشاعر النجدي راشد الخلاوي والشاعر العماني الظاهري بن ماجد اللذين عاشا في أواخر القرن الحادي عشر الهجري وكانت بينهما مراسلات غير أنني لم أقف على قصيدة واحدة في ديوان راشد الخلاوي استخدم فيها احد أساليب الغطو بالدرسعي أو الريحاني أو الابجدي).
ومما يزيد تحديد الزمن الذي عاش خلاله كل من راشد الخلاوي ورفيقه (علي بن ظاهر الماجدي) ماجاء في كتاب (كفاية الغريم عن المدامة والنديم) للأديب الشاعر مبارك بن حمد آل مانع العقيلي, حيث قال: (توفي هذا الشاعر قريبا من عام (1123هـ) وكانت معيشته في الإمارات العربية مستقرا في راس الخيمة بعد تنقلات طويلة وهذا الشاعر يعد أشهر شاعر إماراتي على الإطلاق, وشعره محفوظ بين أهالي الإمارات وممن لاتجد عنده القصائد بطولها فسوف تجد عنده المقاطع والأبيات من قصائده).
ثالثاً: قال مقبل الذكير: الفرعة قرية معروفة في الوشم – بين شقراء واشيقر وسكانها من النواصر ومن آل مشرف من الوهبة والنواصر الوهبة من تميم.
قال ابن بشر وفي هذه السنة أي سنة 1121هـ قتل عيبان بن حمد بن محمد بن عضيب, قتله شايع بن عبدالله بن محمد بن حسين بن حمد وإبراهيم بن محمد بن حسين قتلاه في المذنب.
هذه رواية ابن بشر أوردها مقتضبة كما هي عادته في السوابق. وقد روى لنا هذه المسألة محمد بن فايز من أهل الفرعة من النواصر, وروايته أكثر إيضاحاً لأن هذه المسألة لم تزل معروفة عند أهل البلد وأحببت أن أضيف روايته على رواية ابن بشر لتتم الفائدة.
ورواية محمد بن فايز عن اختلاف النواصر المشار إليه أعلاه وآل مشرف هي: قال وقع بين آل مشرف وآل عيبان اختلاف عند مجاري السيل وكان آل مشرف من الوهبة من آل حنطة وآل عيبان من النواصر من عمرو – وكلهم من تميم – وكان للنواصر بنو عم من النواصر في المذنب فلما بلغهم خبر اختلاف بني عمهم وآل مشرف اقبل إبراهيم بن حسين الناصري من المذنب ليصلح بينهم ونزل على التجار أناس معروفين في الفرعة في قصرهم النعيمة (وقد اندثر الآن) فاحضر المفترقين وتدخل بينهم في أمر الصلح فأجابوه ثقة منهم بحسن نواياه وأن ليس له قصد إلا الإصلاح بين الجميع ولم يدخل شك في أمره وواعدهم أن يكون الاجتماع في قصر آل مشرف من الخارج في يوم ووقت معلوم بشرط ألا يحمل احد منهم سلاحاً وكان القصر – أي قصر آل مشرف – حصناً طوله في الجو (40) ذراعاً محاط بخمسة أسوار متلاصقة. فأسر لآل عيبان أن يأتوا بسيوفهم ويخفوها فجاؤوا ودفن كل منهم سيفه بالرمل وجلس فوقه.
فخرج آل مشرف من قصرهم وقد خشوا من الغدر فوضعوا سلاحهم عند باب القصر قريباً منهم. فما تكامل جلوسهم حتى ثار فيهم آل عيبان بإيعاز من إبراهيم بن حسين وقتلوا منهم ثلاثة عشر وهرب الباقون ودخل إبراهيم بن حسين القصر ومعه آل عيبان واستولى على القصر وأجلى بقية آل مشرف واستولى على أملاكهم وسكن آل مشرف بلد (الحريّق) وبعضهم سكن (الجريفا) وهما قريتان من قرى الوشم الأولى بالجنوب الشرقي من الفرعة والثانية بالشمال الشرقي من الفرعة. واستولى إبراهيم بن حسين على قصور الفرعة وأحاطها بسور هي والبلدة. وهي قصر آل غيار وقصر التجار وقصر آل عيبان وغيرها, وبعد مدة قام آل عيبان ينازعونه الإمارة وكان رئيسهم عيبان ولكنه تغلب عليهم بتفريق كلمتهم فاستمال إليه شايع بن عبدلله بن محمد بن حسين وهو ابن بنت إبراهيم بن حسين فأغراه بقتل عيبان وأطعمه في الإمارة فأحسن عيبان بالأمر فخرج قاصداً بني عمه في المذنب فخرج معه شايع مغاضباً لإبراهيم بن حسين ظاهرا وهو مبطن الغدر في عيبان بإغراء إبراهيم بن حسين وطعماً بالإمارة, وكتب إبراهيم بن حسين إلى بني عمه في المذنب يخبرهم أن البلد لا تصلح وفيها هذان الرجلان فلما ولا إلى المذنب غدر شايع في عيبان وقتله فخشي آل عيبان الذين في الفرعة وهاجروا إلى سدير فاستولى إبراهيم بن حسين على أملاكهم فجمعها وأملاك آل مشرف وأوقفها على ذريته للذكر دون الأنثى فاستمرت زمناً طويلاً فأبطلها الشيخ عثمان بن منصور وقسمها على الموجود من الورثة.
والى هذه القصة بشير الخلاوي بقوله:
جاني من الطرشان علـم وراعنـي
وأنـا بالشرطيـن يميـن حقـيـل
قالوا لي ذبح الفتى ابـن مشـرف
ولا عـاد لـي بالقريتيـن خلـيـل
محى الله ناسيها مـن آل مشـرف
والـى تناساهـا فالزمـان طويـل
من لاي يقاضيهم على البوق والنقي
بسيـف لهامـات الرجـال يشيـد
كما ورد في أشعار راشد الخلاوي ذكر لعدد من الأعلام والفخوذ في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري على مايبدو منهم (الشبول) وهؤلاء فخذ من بني علي من حرب ورد لهم ذكر في سدير سنة 1063هـ انظر سوابق ابن بشر وورد ذكرهم عند الخلاوي في قصيدته المعروفة بـ(الروضة) والنص:
ومبين مابي على الضد في اللقـا
بين الشبول وصاحب دون صاحبه
لما ورد ذكر للغراميل, والغراميل فخذ من بني خالد حيث قال:
الا قبّـح الله الغرامـيـل كلـهـا
واخزى لزيد ابن (......) وصحابه
وورد ذكر لعلم والراجح انه (عثمان بن قايد) في قصيدة راشد الخلاوي قال:
تفكر ياميمون فـي ربـع دمنـه
خلا ربعها من اهلها يا (ابن قايد)
وهو العالم المشهور عثمان بن قايد صاحب المصنفات توفي في العقد الاخير من القرن الحادي عشر الهجري انظر ترجمة في علماء نجد خلال ستة قرون لابن بسام.
أما زيد الذي ورد اسمه في بيت الشعر أعلاه فلا اجزم انه احد اثنين باسم زيد وردا في القرن الحادي عشر لهما ذكر الأول زيد بن مديرس من أمراء بلد (مقرن) سنة 1037هـ والثاني الشريف زيد بن محسن المعروف.
الجزء الاول : وقد نشر في عدد 1931 بتاريخ 20/10/1427هـ
نسب راشد الخلاوي
طلب مني عدد من الأصدقاء أن أكتب ما أعرفه عن نسب الشاعر المعروف راشدالخلاوي , وحاولت إقناعهم بأنكم تطلبون
مني أو تلزمونني بأن آتي بما لم يأتي به أحد ممن سبقني وكتب عن الخلاوي , أو تطلبون مني بأن آتي بما لم يأتي به
الأوائل وهذه الأمور يصعب علي تحقيقها ما لم يتوفر لي نص من النقل يشجعني تقديمه وللاستشهاد به على نسب ( أبا
محمد ) راشد الخلاوي , ونص كهذا أو وثيقة شافية كافية ما تحتاج إلى برهان غير متوفرة بعد فكيف أكتب وماذا أقول؟
قالوا :- أكتب ما نسمعه منك عن الخلاوي في سواليفك علينا عنه , لأننا وجدنا في سواليفك علينا أخباراً لم تتوفر في ما بين
أيدينا من مراجع ونجزم أنك كسبتها بالنقل بحكم سنّك من سواليف وروايات عصر ما قبل عصر الراديو والتلفزيون في تلك
الأيام التي كان يسود مجالسها الأخبار الماضية والأشعار النادرة مثل شعر راشد مما خلد أو مخلد عبر نقل الروايات .
ونزولاً عند رغبة هؤلاء الأخوة الأعزاء الذين ألزموني أدبياً أن أكتب ما أعرفه عنه , أقول لهم حباً وكرامة وهاأنذا بادئ
بمعونة الله
بالتأكيد لهؤلاء وللقراء الكرام أنه إن جاء بهذه الكلمة خبراً جديداً فسوف يكون لبنة من لبنات جمع المعلومات عن الخلاوي
وليس جميع ما يجب علمه عنه .
بدأ اهتمامي بأخبار راشد الخلاوي منذ الستينات من القرن الماضي وكنا في تلك الأيام ساكنين في شعيبنا المعروف بـ (
عضيدان ) وهو أحد مراكز محافظة الغاط وكان والدي - أسأل الله له الرحمة - صديقاً لإمام مسجد هجرة (مليح) – هجرة
السقايين المعروفين وهو أكبر مراكز محافظة الغاط – والإمام هو عبيد الموسى من أهل الزلفي وكان يرحمه الله يزور والدي
بين حين وآخر في (عضيدان) وفي إحدى زياراته كان موضوع حديثهما يدور حول مواقيت المواسم الزراعية لراشد الخلاوي
, وأذكر أنهما قالا يقول الخلاوي :-
إذا طلع الكانون فانظـر لحملهـا
وطاب الجنى منها إلى غاب الفجر
يقصد طلوع حمل النخلة وتمامه.
وضمن الحديث بينهما ذكر الإمام عبيد الموسى قوله :- يقال يا أبو حسن – يقصد والدي – أن طلحت الخلاوي قطعت وانتشر
الخبر بين الناس وأثارت الدهشة والاستغراب عند جميع من سمع الخبر لأن قطع شجرة كائنة على طريق يمر عليه
المسافرون ويستفيدون من ظلها في أوقات المقيال لأمر لافت لكل من يعرف لاهب السمائم وخصوصاً في منطقة لا يوجد بها
غير طلحة الخلاوي الكائنة على طريق ( الجودي ) المار بالصمان.
وهنا سمعت والدي وضيفه يدعيان على ذلك الذي قطع الطلحة كما سمعت الإمام عبيد يقول :- أن الملك عبدالعزيز – طيب
الله ثراه – لما علم بالخبر غضب غضباً شديداً بل انزعج بدعوى التساؤل , كيف تقطع شجرة كائنة على طريق يمر عليه
الناس ؟! ولذلك أمر بالبحث عن الفاعل ليعرف أسباب قطع الشجرة , كما قرر مبلغاً من المال قدره خمسون ريال فرنسياً لمن
يفيده عن قاطع طلحة الخلاوي , وهي تلك الطلحة التي وردت في قول الخلاوي :-
عن طلحة الجودي مواقيم روحه
وعنها شمالي النسـور يغيـب
وعنها مهب الهيف رجم وفيضه
إحروري كـان الدليـل نجيـب
ومن تأثر والدي وضيفه لما صار لطلحة الخلاوي وانفعالهما من الخبر الغير سار وتساؤلهما عن أسباب ودوافع الفاعل التي
جعلته يقدم على قطع تلك الشجرة الجميلة التي كانت تظلل بظلها المارة على طريق الجودي والتي تقيهم هجير السمائم
اللاهبه بظلها الوارف ودعائهما على قاطع الشجرة تأثرت بل أثرا علي والدي وضيفه , وصرت بعد ذلك الموقف أسيراً لأخبار
الخلاوي بدءاً من خبر قطع طلحته فأحببت شعره وتتبعت اخباره عن أوقات الزراعة وعرفت الفرق بين طلوع النجم ونوءه
مثلما قال الخلاوي :-
إلى شربت من مربض الظبي ناقتي
بنـو الثريـا قلـت أوي ربـيـع
ومعلوم أن الثريا نجم من نجوم القيض كما هو معلوم وقول الخلاوي :-
أول نجوم القيض غراً لكنهـا
مراغت بزوا عند باب المجحرا
فكيف نوفق بين الربيع وأول نجوم القيظ حسبما جاء في البيت أعلاه. وبقيت أخبار راشد الخلاوي لها الأولوية عندي على
أخبار غيره إلى أن فاجئنا الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس في مقال له عن الخلاوي صدر في اليمامة بعددها ال(112) في
ربيع الثاني 1386هـ وصف الخلاوي بأن لا بلدة له يستقر بها وأنه (( خلوي )) أو (( صلبي )) على اعتبار ملازمة التنقل
في الخلاء ومستشهداً بأشعار مجهولة القائل أو مكذوبة على الخلاوي . والفارق بين سجعها وشعر الخلاوي يدركه كل ذي
ذوق سليم للشعر , أضف إلى ذلك أن للخلاوي من الحساد والأعداء ما سنشير إليه في ما يتلى في هذه الكلمة.
وعند صدور أول عدد من مجلة العرب في شهر رجب عام 1386هـ أتحف قراء العرب الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الربيعي
برده على الشيخ بن خميس بقوله:- إن راشد الخلاوي ليس كما وصفه ابن خميس بل هو من أسرة عربية عريقة الأصل وأن
الخلاوي وصف له لكثرة وصفه للفلوات لا لكونه من الخلوة ويسمون الخلوية أو الصلب.
وعلق صاحب العرب الشيخ حمد الجاسر – يرحمه الله - في عدد مجلته الأول على ما جاء عن الخلاوي بين ابن خميس
والربيعي بقوله : ( دراسات حول الأدب الشعبي في الجزيرة وحول الشاعر الشعبي راشد الخلاوي . يتحدث الأستاذ عبدالعزيز
بن عبدالله الربيعي معلقاً على مقال الأستاذ عبدالله بن خميس عن ((الخلاوي)) والأستاذ بن خميس يرى أن الشاعر بدوي لا
بلدة له يستقر بها وأنه (( خلوي )) أو (( صلبي )) أي من طائفة (( الصلبة )) ويسمون ((الخلوية)) لملازمتهم للتنقل في
الخلاء. يدلل الأستاذ الربيعي على أن الشاعر من أسرة عربية عريقة الأصل وأن (( الخلاوي )) وصف له لكثرة وصفه
للفلوات لا لكونه من الخلوة ويسمون الخلوية أو الصلبة ).
وبعد إطلاعي على ما قال ابن خميس في اليمامة ورد الربيعي عليه في مجلة العرب وذلك في عام 1386هـ صرت أسجل أي
ذكر عن الخلاوي وزادت الرغبة في معرفة من هو راشد الخلاوي وممدوحه منيع بن سالم وأين عاشا ومتى وأين انتهت
حياتهما أفي نجد أم في غيرها من أوطان العرب وهل لهما أعقاب وهل سلالاتهما لازالت مجتمعة أم تفرقوا وهل يعرف
بعضهما الآخر إلى آخر ما يدور في الخلد من الأسئلة.
وفي عام 1392هـ صدر كتاب ( راشد الخلاوي ) بقلم مؤلفه الشيخ عبدالله بن خميس وجاء في الكتاب ما أمكن ذكره عن
راشد الخلاوي وجل إن لم يكن كل شعر الخلاوي المتداول بين الناس , وأضاف إلى المتداول ما نقله من مخطوطة الشيخ
عبدالعزيز بن سويلم بائية الخلاوي التي تجاوز عدد بيوتها الألف بيت. ولا يختلف اثنان على أن الشيخ عبدالله بن خميس بذل
جهوداً يشكر عليها وسد فراغاً في المكتبة العربية عن أبرز شعراء القرن الحادي عشر وأول الثاني عشر الهجريين ألا وهو
راشد الخلاوي موضوع هذه الكلمة.
وقبل إيراد ما أختلف أو ما أتفق عليه مع الشيخ عبدالله بن خميس فيما جاء في كتابه المشار إليه في نسب الخلاوي
وبعض أخباره أود الإشارة إلى أمور تتداولها الرواة وبعض جماع الشعر النبطي ومنها :-
1-ذكر محمد بن رزيقان الرشيدي : ( إن راشد الخلاوي وابن عمه منيع بن سالم يرجع نسبهما إلى الخلوية
الذين ينتسبون إلى خلاوه بن سبيع بن بكر بن أشجع بن ريث بن غطفان ) انظر مجلة العرب (1).
2-قال سليمان الطامي : ( إن الخلاوي أما عازمي أو رشيدي ) انظر ديوان الشعر النبطي المختار(2).
3-قال عبدالله الخالد الحاتم : ( ... وليس بيدنا شيئاً نستطيع أن نجلي ناحية من حياته – يقصد الخلاوي – ما عدا شيئاً
يسيراً قد لا يأتي بالفائدة المرجوة وهو أنه صلبي وقيل رشيدي ) انظر خيار ما يلتقط من الشعر النبط(3).
4-قال سعد بن محمد بن نفيسه في (إضمامه من التراث)(4) إن راشد الخلاوي من أهل ( رنية ) ولم يذكر مِنْ مَنْ.
أما من انتسب إلى راشد الخلاوي فمنهم :-
أولاً – الهرشان المعروفون قد تقدموا بوثائق تتضمن شهادات شهود من أهل النصف الثاني من القرن الرابع عشر الهجري
ألحقها مؤلف كتاب ( راشد الخلاوي ) في الطبعة الثانية وما بعدها , شهد هؤلاء الشهود على أن الهرشان أبناء راشد
الخلاوي وأن راشد الخلاوي هو ابن أحد أمراء قبيلة بنو هاجر المعروف بسحمي القصاب. ومعلوم أن قبيلة بني هاجر قبيلة
قحطانية وهنا يكون راشد الخلاوي من سلالة قحطانية والله أعلم.
ثانياً – قال محمد الجعيلان الرويعي من قبيلة الصلبه : ( انه من قبيلة راشد ابن الخلاوي مبرراً قوله بقصيدته التي نشرها في
جريدة الأنباء الكويتية )(5).
ومنها قوله :-
يقول الرويعي والرويعـي محمـد
من العنصرية أكثر النـاس تايبـه
سمعنا قصيدة بالتلفزيون وأشغلت
نفسي ونفسي من عنا الشعر ذايبه
أنا من قبيلة راشد ابن الخـلاوي
صدوق النوايا حكمته في غرايبـه
انظر باقي القصيدة في المرجع المشار إليه.
ثالثاً – رأيت أن ألفت انتباه من يكتب أو يتحدث عن ( راشد الخلاوي ) صاحب منيع بن سالم الذي ألف عنه عبدالله بن
خميس كتابه ( راشد الخلاوي ) أن هناك من يشارك راشد بوصفه ( الخلاوي ) غيره ومنهم على سبيل التعيين لا الحصر :-
أ-قال ابراهيم السامرائي في كتابه ( القبائل العراقية )(6):
1-بنو عكيب رئيسهم شخيتر الخلاوي.
2-ومن فروع القراغول البو خلف رئيسهم منذر الخلاوي.
ب-قال د. عبدالجليل طاهر في كتابه ( العشائر العراقية )(7) : (إن الأجود أحد فروع المنتفق تتكون من مجموعة كبيرة من
البطون والأفخاذ ومن بين من ينتسب إلى الأجود القراغول وهؤلاء يكونون مجموعة من الأفخاذ منهم الروضان منهم (
الخلاوي ) والبو خلف ورئيسهم سفيح الخلاوي.
ج- ذكر العزاوي في كتابه ( عشائر العراق )(8) أنه يوجد في المنتفق بيتاً يسمون بيت الخلاوي.
د - قال عبدالله بن خميس : ( إن اسم الخلاوي كان في عهد الخلاوي نفسه وما يقرب منه يطلق على غير صاحبنا فهناك
محمد بن سالم الخلاوي – الحقيقة محمد بن راشد الخلاوي العجلاني – ذكره السخاوي في ((الضوء اللامع)) وابن فهد في ((
الدر الكمين ذيل العقد الثمين)) وهناك غيره بل توجد الآن أسرة في المنطقة الشرقية تسمى بهذا الاسم ولا نعلم نسبتها إلى
هذا الشاعر قد يكون غيرنا يعلم بذلك ).
هـ- قال أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري في كتابه ( تاريخ نجد في عصور العامية )(9) :- ( ولفت الشيخ ابن خميس إلى
علم مترجم له عند السخاوي (46) فراجعت السخاوي فإذا فيه هذا النص : محمد بن راشد الخلاوي العجلاني أحد القواد مات
في جمادى الآخرة سنة 857هـ بالليث من بلاد اليمن أرخه ابن فهد الضوء اللامع 7/243 ).
وهنا يجب أن لا يغيب عن بال من نسب راشد الخلاوي أو انتسب إليه أن هناك وفي زمن راشد الخلاوي وقبله وبعده من
وصف بالخلاوي منهم من جاء ذكره في جنوب غرب أو شمال شرق شبه الجزيرة العربية وهو غير صاحبنا راشد الخلاوي
صاحب منيع بن سالم موضوع هذه الكلمة والذي سوف نورد نسبه الذي نطق هو به بنفسه وأورده ابن خميس في جميع
طبعات كتاب (راشد الخلاوي) الست ولا أعرف السبب الذي منع ابن خميس عن عدم مناقشة نص صادر عن الخلاوي نفسه
ووارد في جميع طبعات الكتاب وجل من لا يهم .
الجزء الثاني : وقد نشر في عدد 1932 بتاريخ 27/10/1427هـ
وأقولها كلمة صادقة للتاريخ أنني لولا الله ثم ما دونته عن عبدالله ابن خميس من معلومات عن الخلاوي لما توصلت إلى تحديد نسب راشد الخلاوي والفضل بعد الله والسبق لشيخي عبدالله بن محمد بن خميس أطال الله عمره على طاعته آمين.
أما كيفية استفادتي مما ذكره عبدالله بن خميس عن الخلاوي فتتلخص في نصين وردا في كتاب ( راشد الخلاوي ) , النص الأول قال ابن خميس : (وبالمقارنة بين أقوال هؤلاء وهؤلاء .. لا نجد مرجحاً يحملنا على اختيار أحد الرأيين , مما يجعلنا نتوقف عن إعطاء رأي صريح في نسب الخلاوي ..)(10).
إن هذا النص النفيس جعلني اقتنع أن هناك مجال في البحث عن نسب الخلاوي وذلك بعد مقارنة هذا النص بما قاله عن الخلاوي سنة 1386هـ في اليمامة عدد (112) وعارضه الشيخ عبدالعزيز الربيعي في العدد الأول لمجلة العرب حسبما ذكر أعلاه وزبدة الموضوع إن ابن خميس غير رأيه في نسب الخلاوي ومال إلى الحياد.
أما النص الذي ورد عند ابن خميس وتوصلت به إلى تحديد نسب الخلاوي فسوف أورده في مكانه المناسب بعد قليل إن شاء الله.
وطن الخلاوي:
اتفق مع ابن خميس على أن وطنه في شمالي شرق شبه الجزيرة العربية وأختلف معه في كون الخلاوي عاش كل حياته منتقل بين الأمكنة التي ذكر ابن خميس وإنما الأمكنة التي ذكرها ابن خميس مثل (أشيقر , الفرعه) و (حقيل) و (المصيقر) و (الرضمه) و (السر) و (الظفره) و (الثليما) وهناك ثليما في الخرج وأخرى في وادي حنيفه إلى آخر ما ذكر من مسميات الأمكنة , يكفي أن ابن خميس قال : إنما هذا لا يعني الإقامة المستمرة هنالك. وأقول تنقل الخلاوي بين هذه الأمكنة ينطبق عليه بعدما تخلوى وصار ينتقل من مكان لآخر تفادياً لمعرفة غرماه أنظره يقول :
هذي حكاةٍ لمن تخلوى وغرب
وفي كل خد ناخ فيها نجايبـه
وغرما الخلاوي يقال أنهم من بني عمه الأقربين ولكنه اضطر لقتل أحدهم دفاعاً عن جاره ومن قوتهم وبأسهم صاروا يطاردونه في كل مكان ليأخذوا بثأر أخيهم منه حتى أنهم حاولوا الهجوم عليه وهو في حماء منيع بن سالم حسبما جاء بشعر الخلاوي حيث قال :-
هو الصاحب الصافي وذخري وعدتي
منيع ظنوني فيه مـا هـي بخايبـه
كفاني من الدنيا فلا بي لهـا هـوى
و لا لي باهلها رغبة كـود جانبـه
رد العـدا بالمشرفـيـات والقـنـا
( عنّي ) وقومي يوم قومي محاربه
وهذه مشكلة الخلاوي التي جعلته ينتقل بين مكان وآخر في شمالي شرق نجد ليس بعيداً عن ديرته التي وصفها ( بالوضحا ) حينما قال :
هي دارنا وضحا من الدور نازه
لاذيال فخر العز والمجد ساحبه
وهنا نورد رواية عن رجل ثقة هو عبدالرحمن العلي العتيق من أهل الزلفي ومن المعروفين بجمع الأشعار حيث أنه بالإضافة إلى دواوين الشعر , لديه ما يزيد على ( 4000 ) شريط من الشعر الشعبي وله اهتمام فائق بنوادر الأشعار ينقل لنا عن عبدالعزيز الحمدان من أهل عنيزه قوله أن الخلاوي عندما قتل الرجل الذي اعتدى على جاره لاذ بخشم ( أبا الأوضاح )(11) الكائن بين الغاط والزلفي. وإذا أضفنا أبيات من الشعر للشعيبـي جاء في قصيدته الموجهة إلى الشريف بركات بن مطلب قال الشعيبـي :
يسقي ديار حل في عرصاتهـا
سو البلا و امست بلاقع خيّلـي
دار لحسنا بين سيطـان اللـوا
والسر والضاحي وبين مجزلي
كثرة بها غبر السنين واصبحت
قفراً سباريت بهاها منجلي(12)
والضاحي في قصيدة الشعيبـي نجده كائن بين السر ومجزل الضلع المعروف شرق جبال طويق , يتبين لنا أنه (الضويحي) الرمل الذي يحد روضة (السبلة) من شرقها وهي روضة الزلفي المعروفة ورمل الضويحي يبعد عن خشم أبا الأوضاح ما يقارب خمسين ( 50 ) كيلاً , وهنا نجد أن رمال وجبال شمالي اليمامة الكائنة بين الغاط والزلفي وبين مجزل والسر توصف رماله بالضويحي وأحد أنوف جباله بـ ( أبا الأوضاح ) الذي لاذ به الخلاوي حسبما جاء نقلاً عن عبدالعزيز الحمدان وجاء في شعر الخلاوي قوله : هي دارنا وضحا من الدور نازه .
أما النص الذي أشرت إليه أعلاه وقلت إنه لو لم يورده ابن خميس لما استطعت معرفة نسب الخلاوي هو :
جاء في الطبعة الأولى (ص32) من كتاب راشد الخلاوي هذا البيت , قال الخلاوي :
ولي من منازل أهل فضل سنامها
ومن كل فنٍ طايب لـي أطايبـه
هذا في فصل نسب الخلاوي بالكتاب , واللافت للنظر أن نفس البيت جاء في سياق قصيدة ( الروضة ) كما يلي :
ولي من منازل كل خير سنامها
ومن كل فن طيب لي أطايبـه
نفس الطبعة الأولى (ص228).
وتوالت طبعات الكتاب إلى الطبعة السادسة ونص هذا البيت لم يتغير في جميع الطبعات ففي
أ- الطبعة الثانية أنظر ( ص35, ص280 ).
ب- الطبعة الثالثة أنظر ( ص35, ص280 ).
ج- الطبعة الرابعة لم تصدر ؟؟
د- الطبعة الخامسة أنظر ( ص35, ص280 ).
هـ الطبعة السادسة أنظر ( ص35, ص280 ).
واللافت أن شطر هذا البيت يجيء في فصل نسب الخلاوي كذا : لي من منازل (أهل) فضل , وعند الانتقال إلى القصيدة التي البيت منها وهي الروضة يأتي النص هكذا : ولي من منازل (كل خير).
والسؤال عن من بدل أو غير نص شطر هذا البيت الذي يرد في موضوع النسب يصير ( أهل ) وأن ورد ضمن سياق القصيدة صار ( خير ) , وركزت على معنى ( أهل ) فتبين أن معناها ( آل ) أي أن المراد بـ (آل) الأهل. انظر مجلة العرب (13) وصبح الأعشى (14) ونهاية الأرب (15) وقلائد الجمان (16) فصار نص بيت الخلاوي هكذا :
ولي من منازل آل فضل سنامها
ومن كل فنٍ طيب لـي أطايبـه
وبهذا النص حدد الخلاوي نسبه أنه من آل فضل بل من رؤوس القوم من آل فضل , ولم يبقى إلا من هم آل فضل هؤلاء ؟؟ وبالبحث بين البيوتات المشهورة من بيوت العرب عن من يوصفون بـ ( آل فضل ) تبين لنا أن آل فضل أمراء
العرب الطائيون الذين منهم :
1.آل مراء
2.آل علي
3.آل فضل الذين كانوا بالشام. والخلاوي ليس من آل فضل هؤلاء بل هو من آل فضل الذين لهم ارتباط بالسلالة الكريمة أي بالأشراف من سلالة علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه -.
وآل فضل هؤلاء هم الذين اشتهروا بـ آل مغامس في البصرة(17) وفي البحرين (18) وفي نجد (19) وفي الحجاز (20) , وهم رؤساء المنتفق المشهورون الذين حكم منهم راشد بن مغامس في البصرة وحكم الإحساء والقطيف سنة 933هـ , ومنهم محمد بن عثمان بن فضل صاحب (معكال) (21) وهم الذين اشتهروا بعد آل مغامس بـ آل شبيب , انظر أخبارهم عند ابن بشر , وعند ابن عيسى , وفي كتب أخبار قبائل العراق وعشائرها إلى النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري. وهم كما تجمع جل المراجع يرجعون في نسبهم إلى آل رميثة من آل بني نمي من بني قتادة من سلالة الحسن بن علي بن أبي طالب –كرم الله وجهه – ومن منتصف النصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري انتقلت إمارة المنتفق إلى أبناء عمومتهم المشهورون بالسعدون والمختلطون معهم في المكان والمشتركون معهم بالنسب , إلا أن هؤلاء حسنيون وآل سعدون حسينيون أي من سلالة الحسين بن علي بن أبي طالب – كرم الله وجهه – ولن أخوض في أنساب الأشراف لأن أهل مكة أبخص بشعابها.
نعم قال :
ولي من منازل ( آل فضل ) سنامها
و من كل فن طيـب لـي أطايبـه
ثم قال :
ولي عند أهل الحلم والعلم و التقى
أيادي ولي من صوب بغداد جادبـه
وشيخ وشامخ هم هل الطول و العلا
من صلب من ساد البرايا مجاذبـه
من هذه الأبيات الثلاثة أستفيد المعاني التالية:
1- أنه من آل فضل
2- أنه شيخ وشامخ هما من صلب الذي ساد البرايا ومعلوم أنه ما ساد البرايا إلا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام , ومادام أن شيخ وشامخ من صلب الرسول إذن هي كناية بالحسن والحسين عليهما الصلاة والسلام.
3- أشار إلى أن له المكانة المرموقة عند العلماء والأتقياء والحكماء وهناك من يرتبط معهم في النسب في بغداد , وكل هذه القرائن تثبت نسبه الكريم وارتباطه بأسر الأشراف هناك.
قال عبدالله بن خميس : ويستدلون أيضاً على أصالة نسبه بما رواه عن مجد قومه وبعد صيتهم وتناهي عضمتهم ... وهذا لا يكون إلا لقبيلة ذات محتد وحسب , وصدارة بين القبائل يقول :
كنا شيـوخ العـز والعـز عزنـا
و في ع*** من عز تجري مراكبـه
وعلى ع*** تبنى بيوت من العـلا
وما طال من عز لدى الناس طال به
حنا ملـوك الـدار والـدار دارنـا
من عهد عاد إلـى ولادٍ تـلاد بـه
* * * *
هي دارنا وضحا من الـدور نـازه
لاذيال فخر العـز والمجـد ساحبـه
ضربنا وراها كـل صـم عصمصـم
و ضرغام غاب عض بالسيف غاربه
عشنا بها مـا فوقنـا كـون ربنـا
شديد القوى سبحان مـن لايحاطبـه
زمان حبانا كـل مـا فـي نفوسنـا
مـن الله تـذرى بالأمانـي هبايبـه
زمان لنا قد طاع من طـوع المـلا
والذيب شـاة و الضـواري ثعالبـه
حنـا ملكناهـا و قـدنـا زمامـهـا
و دانت لنا الدنيـا وجتنـا مداربـه
كنا بهـا والذيـب يرعـى بشاتـه
في كل شعبٍ حيثما الشـاة عازبـه
كذا كان حال الـدار فينـا و غيرنـا
و يامالها مـن غـارة داب ناهبـه
إلى آخر ما قال في مدح قومه مشيداً بما كان لهم من مكانة وأثبت التاريخ أن آل فضل ومنهم آل مغامس كانت أدوارهم مشهودة بالقرن العاشر الهجري في كل من البصرة والحساء والقطيف في شرقي شبه الجزيرة العربية , وعنهم في شمال شرق نجد .
1-أنظر مجلة العرب (22)
2-تاريخ اليمامة (23)
3-تاريخ الجزيرة العربية (24).
الجزء الثالث : وقد نشر في عدد 1933 بتاريخ 4/11/1427 هـ
وهناك ملاحظتين وردتا في شعر راشد الخلاوي :
الأولى : تشير إلى أنه أرسل مندوبه من الشام إلى الأمير سالم أبو منيع قال:
إلى قلت (بسم الله) من فوق كورها
وسخر لك الرحمن ما كنت راكبـه
وسرت النهار وليلة طـاب فالهـا
من فوق خد الشام و العيس طاربه
* * * *
إلى جيت حي الحي و الجـود والثنـا
قبـل تـراب الحـي سبـع لصاحبـه
وحط الرحل عنهـا و قلـب خفوفهـا
من حيث ناخت سوح من طاب جانبـه
إلـى سالـم مـن شـرف الله قـدره
من ساد من يمشي على الخـد قاطبـه
رفيع الذر اليقضان في المجـد والعـلا
ومن شاد بيت العـز بالسيـف نادبـه
حامـي النزيـل و جايـر كـل داخـل
ومن كان مضيوم من القوم لاذبه (25)
الثانية : جاء في شعر الخلاوي أنه هو ومنيع بن سالم كانا في موقف حرج ويبدو أن ذلك الموقف كان وفاة الأمير سالم أبو منيع وأن الأمارة صارت بدون أمير فصار الخلاوي يتبادل الرأي مع منيع بن سالم حول حل المشكلة وتعيين أميراً للأمارة فلإمارة التي مثلها الخلاوي بالعروس التي تشاور على ( البعل ) أي الأمير مستنبط من البيوت التالية :
ثلاث على غيـر الخـلاوي تكـوده
إلا منيـع سيـد الـحـيّ زاهـبـه
رجا الضيف و السيف اليماني يزينـه
وبالجـود تيـار تطامـى غبايـبـه
قالوا لهـا هـذا الخـلاوي يسومـك
صعلوك حال ما سوى الغـوج راكبـه
فلبـت وأجابتنـا و سقنـا صداقهـا
و قالت : هوانا في الخلاوي و صاحبه
ومن معنى النص قال الخلاوي لمنيع :
خذها عسى الرحمن يحضيك عزهـا
و أقبل فتـاة فـي ملامـاك راغبـة
أبت فيك خطّاب الورى يا حمى الورى
و لا سعـت إلا إلـى حمـاك طالبـه
تبي منك ثوب وحلة من شبـا الظبـا
و لا الرديني لدن الردينـي تصانبـه
مهرة ملوك إن كان ما صين عرضها
بالسيف و لا به يـد اعـداه لاعبـه
معلومات عن الخلاوي وقومه ( آل فضل ) :
1-أن جدهم مانع بن فضل نزح من اليمامة إلى العراق في زمن الدولة الأيوبية ( 567هـ - 647هـ ) وصار رئيساً لقبائل المنتفق في القرن السابع الهجري ووصف بأمير العرب , انظر مجلة الدارة(26).
2-كبرت هذه العائلة ( آل فضل ) في جنوب العراق ونجد وكثر عدد فروعها إلى قريب من زمن الخلاوي صارت إمارة المنتفق في فرع السعدون إلى الوقت الحالي.
3-اعتنق بعض وأسر وأفراد آل فضل المذهبين الإسلاميين السني والشيعي والخلاوي كان من أهل المذهب الشيعي وتحول إلى المذهب السني وتحديداً لمذهب الإمام مالك , انظر كتاب طرائف الكلام من شعر العوام (ص114) لعبد اللطيف سعود البابطين , وكتاب راشد الخلاوي الطبعة الخامسة (ص292 – ص293).
4-الخلاوي ابن عم لمنيع بن سالم ذكر ذلك الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الربيعي في العدد الأول من مجلة العرب (ص129), وكذلك قاله محمد بن رزيقان في مجلة العرب سنة 1389هـ (ص960) , وأشار إلى ذلك عبدالله بن خميس عند مناقشته لهذا البيت :
منيع المسمى وأنت تدري بما جرى=وجدي وجده في معاليك صالبه
قال ابن خميس : الخلاوي في هذا البيت وما قبله يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم , انظر نسب الخلاوي في كل الطبعات , وانظر ملاحظتي على الإمارة بعد وفاة سالم أبو منيع ومن كان مؤهلاً لها فتركها الخلاوي لمنيع بن سالم , انظر قصيدة الروضة للخلاوي وما جاء بهذه الكلمة أعلاه.
المراجع
1. مجلة العرب, الجزء العاشر, السنة الثالثة, ربيع الثاني, 1389هـ, (ص 960).
2. ديوان الشعر النبطي المختار, سليمان الطامي, الطبعة الأولى, (ص 91).
3. خيار ما يلتقط من شعر النبط, عبدالله الخالد الحاتم, الطبعة الثانية, الجزء الأول, (ص10-19).
4. إضمامه من التراث, سعد بن محمد بن نفيسه, منوعات شعبية, (ص7–10)
5. جريدة الأنباء الكويتية.
6. القبائل العراقية, الطبعة الأولى, الجزء الأول والثاني, (ص543).
7. العشائر العراقية الجزء الأول, (ص209).
8. عشائر العراق, عباس العزاوي, الجزء الأول, (ص281).
9. تاريخ نجد في عصور العامية, الجزء الأول, (ص82).
10. راشد الخلاوي, الطبعة الأولى, (ص38).
11. أنظر معجم اليمامة عن (أبا الأوضاح).
12. خيار ما يلتقط من شعر النبط, الجزء الأول, (ص54-57).
13. مجلة العرب, الجزء الأول والثاني, س38 رجب وشعبان, 1423هـ, (ص30).
14. صبح الأعشى, الجزء الأول, (ص311).
15. نهاية الأرب, (ص21–22).
16. قلائد الجمان, (ص22– 23).
17. أنظر عشائر العراق. العزاوي, شرق الجزيرة العربية.
18. أنظر أحداث عام 933هـ في تاريخ آل مغامس.
19. جريدة الرياض عدد 13864 السنة 43 الجمعة 13/6/1427هـ , وتاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد (ص63), ابراهيم بن صالح بن عيسى.
20. سمط النجوم العوالي, الجزء الرابع, أحداث عام 1041هـ.
21. أنظر سمط النجوم العوالي, الجزء الرابع, أحداث عام 986هـ.
22. مجلة العرب, الجزء الأول والثاني, س 22, رجب وشعبان 1407هـ, (ص15– 30).
23. تاريخ اليمامة, الجزء الثاني, (ص144).
24. تاريخ الجزيرة العربية في عصر الشيخ محمد بن عبدالوهاب, (ص39), حسين خلف الشيخ خزعل.
25. قصيدة الروضة للخلاوي.
26. مجلة الدارة, الرياض دراسات في التاريخ والتطور, (ص306) , وأنظر ابن العراق نعمان بن محمد : معدن الجواهر بتاريخ البصرة والجزائر, 1408هـ, بيروت, دار الفكر, (ص25).