قال شيخُ الإسلام ابنُ القَيِّمِ في "زاد المعاد في هدي خير العباد" (4/ 251):
"وإن كان لا سبيل للعاشق إلى وصال معشوقه؛ قدرًا، أو شرعًا، أو هو ممتنعٌ عليه من الجهتين، وهو الداء العضال، فمن علاجه إشعار نفسه اليأس منه، فإن النفس متى يئستْ من الشيء استراحتْ منه، ولم تلتفتْ إليه، فإن لم يزل مرض العشق مع اليأس، فقد انحرف الطبْعُ انحرافًا شديدًا، فينتقل إلى علاجٍ آخر، وهو علاج عقله بأن يعلم بأن تعلق القلب بما لا مطمع في حصوله نوعٌ مِن الجنون، وصاحبه بمنزلة من يعشق الشمس، وروحه متعلقةٌ بالصعود إليها والدوران معها في فلكها، وهذا معدودٌ - عند جميع العقلاء - في زمرة المجانين.
فإن عجزت عنه هذه الأدوية كلها، لم يبق له إلا صدق اللجوء إلى مَن يجيب المضطر إذا دعاه، وليطرح نفسه بين يديه على بابه مستغيثًا به، متضرعًا، متذللًا، مستكينًا، فمتى وفق لذلك، فقد قرع باب التوفيق، فليعف، وليكتم، ولا يشبب بذكر المحبوب، ولا يفضحه بين الناس، ويعرضه للأذى؛ فإنه يكون ظالمًا معتديًا".