3 تابع / شرح : حديث جبريل عليه السلام للعلامة ابن عثيمين رحمه الله
ثانياً: الإيمان بربويته:
ومعنى (الرب): أي الخالق، والمالك، والمدبر، فهذا معنى ربوبية الله ـ عز وجل ـ، ولا يغني واحد من هذه الثلاثة عن الآخر، فهو الخالق الذي أوجد الأشياء من عدم .
قال الله تعالى :« بَديعُ السَّمَاوَات والأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أمْرًا فإنّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ » سورة البقرة 117
قال الله تعالى :« الحمد لله فاطر السموات و
الأرض » سورة فاطر 1
فالذي أوجد الكون من العدم هو الله الخالق، المالك أي خلق الخلق وانفرد بملكه له كما انفرد بخلقه له، وتأمل قول الله تعالى في سورة الفاتحة:
قال تعالى : « مالك يوم الدين »
وفي قراءة أخرى سبعية:
« ملك يوم الدين »
وهي قراءة سبعية متواترة، وإذا جمعت بين القراءتين ظهر معنى بديع، الملك أبلغ من المالك في السلطة والسيطرة، لكن الملك أحياناً يكون ملكاً بالاسم لا بالتصرف، وحينئذ يكون ملكاً غير مالك، فإذا اجتمع أن الله تعالى: ملك ومالك تم بذلك الأمر: الملك، والتدبير.
ولهذا نقول: إن الله - عز وجل - منفرد بالملك، كما انفرد بالخلق، كذلك أيضاً منفرد بالتدبير، فهو المدبر لجميع الأمور وهذا بإقرار المشركين، فإنهم إذا سئلوا من يدبر الأمور؟ فسيقولون: الله فهو المنفرد بالتدبير:
قال الله تعالى :« يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه » سورة السجدة 5
سئل أعرابي: بم عرفت ربك؟
قال: بنقض العزائم وصرف الهمم.
فالإنسان يعزم أحياناً على الشيء عزماً وتصميماً أكيداً وفي لحظة يجد نفسه قد عزم على تركه ونقض العزم، وقد يهم الإنسان بالشيء متجهاً إليه ثم ينصرف بدون سبب، وهذا يدل على أن للأشياء مدبراً فوق تدبيرك أنت، وهو الله ـ عز وجل ـ.
فإن قال قائل:
كيف تقول : إن الله منفرد بالخلق، مع أنه أثبت الخلق للمخلوق وسمى المخلوق خالقاً.
قال سبحانه: « ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين » سورة المؤمنون 14
وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه وسلم ( يقال للمصورين: "أحيوا ما خلقتم"؟ ) رواه
البخاري ومسلم
فالجواب: أن خلق الإنسان ليس خلقاً في الحقيقة، لأن الخلق هو الإيجاد من العدم، والإنسان عندما يخلق لا يوجد من عدم، لكن يغير الشيء من صورة إلى صورة أخرى.
وكذلك (الملك) فإن قال قائل: كيف تقول: إن الله منفرد بالملك مع أن الله سبحانه أثبت الملك لغيره
فقال تعالى : « إلا على أزواجهم أو ماملكت أيمانهم » سورة المؤمنون 6
وقال تعالى : « أو ماملكتم مفاتحه » سورة النور 61
فالجواب: أن يقال: إن ملك الإنسان ليس كملك الله، لأن ملك الله - عز وجل - شامل لكل شيء، ولأن ملك الله تعالى ملك مطلق غير مقيد، أما ملك الإنسان للشيء فهو غير شامل، فمثلاً الساعة التي معي لا تملكها أنت، والساعة التي معك لا أملكها أنا، فهو ملك محدود ليس شاملاً، كذلك أيضاً ليس ملكاً مطلقاً فأنا لا يمكنني أن أتصرف في ساعتي كما أريد؛ لأنني مقيد بالشرع الذي هو المصلحة، فلو أراد إنسان تكسير ساعته مثلاً فإن ذلك لا يجوز ولا يملك شرعاً أن يفعل ذلك، لأن النبي، صلى الله عليه وسلم ، نهى عن إضاعة المال فكيف بإتلافه؟
ولهذا قال العلماء: إن الرجل لو كان بالغاً عاقلاً له زوجة وأولاد، وهو سفيه في المال لا يتصرف فيه تصرف الرشيد فإنه يحجر على ماله.
لكن الله - عز وجل - يتصرف في ملكه كما يشاء، يحيي ويميت، ويمرض ويشفي، ويغني ويفقر، ويفعل ما يشاء على أننا نؤمن بأنه - عز وجل - لا يفعل الشيء إلا لحكمة.
إذاً فهناك فارق بين ملك الخالق وملك المخلوق. وبهذا عرفنا أن قولنا: إن الله منفرد بالملك قول صحيح لا يستثنى منه شيء.
وكذلك التدبير، فإنه قد يكون للإنسان، فإنه يدبر مثل أن يدبر خادمه أو مملوكه، أو سيارته، أو ماشيته فله تدبير، لكن هذا التدبير ليس كتدبير الله، فهو تدبير ناقص ومحدود. ناقص إذ لا يملك التدبير المطلق في ماله فأحياناً يدبر البعير لكن البعير تعصيه، وأحياناً يدبر الإنسان ابنه فيعصيه كذلك، وكذلك هو تدبير محدود فلا يمكن أن يدبر الإنسان إلا ماله السيطرة والسلطة عليه التي جعلها الشارع له وبهذا صح أن نقول: إن الله منفرد بالتدبير كما قلنا : إنه منفرد بالخلق، والملك.
ثالثاً: الإيمان بألوهيته:
وهو أن يؤمن الإنسان بأنه سبحانه هو الإله الحق، وأنه لا يشاركه أحد في هذا الحق لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، ولهذا كانت دعوة الرسل كلهم من أولهم إلى آخرهم هي الدعوة إلى قول : ( لا إله إلا الله ) .
قال الله تعالى : « وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا
فاعبدون » سورة الأنبياء 25
قال الله تعالى : « ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت » سورة النحل 36
لو أن أحداً آمن بوجود الله، وآمن بربوبية الله، ولكنه يعبد مع الله غيره فلا يكون مؤمناً بالله حتى يفرده سبحانه بالألوهية.
وقد يقول قائل: إن الله تعالى أثبت وصف الألوهية لغيره .
فقال تعالى عن إبراهيم:
« أئفكاً آلهة دون الله تريدون » سورة الصّافّات 86
وقال تعالى: « ولا تدع مع الله إلهاً آخر »
سورة القصص 88
إلى غير ذلك من الآيات فكيف يصح أن تقول: إن الله متفرد بالألوهية؟
فالجواب: أن الألوهية المثبتة لغير الله ألوهية باطلة، ولهذا صح نفيها نفياً مطلقاً في مثل قول الرسل عليهم الصلاة والسلام لأقوامهم:
قال الله تعالى : « اعبدوا الله مالكم من إله غيره » سورة الأعراف 65
لأنها آلهة باطلة:
قال الله تعالى : « ذلك بأن الله هو الحق وأن مايدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير » سورة لقمان 30
جزاك الله خير شيخنا الحبيب أبوأيوب وبارك الله فيك وفي جهدك وعلمك وعملك
والله ينفعك وينفع بك والله يكتب لك الخير حيث كان والله يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس
الأعلى
التوقيع - أسامة الدخان
يقول العلاّمة محمد ناصر الدين الألباني - رحمه الله -
طالب الحق يكفيه دليل ...
... وصاحب الهوى لايكفيه ألف دليل
الجاهل يُعلّم
وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل
--------------------------
حسابي في تويتر
جزاك الله خير اخي الحبيب...ابوايوب
على
الموضوع الطيب
و
بارك الله فيك ياشيخ
التوقيع - عمر خالد
اللهم انتقم من نعجه سوريا المجرم وأعوانه ومن والاهم ، اللهم يا حي يا قيوم يا جبار السموات والأرض أرنا فيهم عجائب قدرتك ، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا،،، اللهم رحماك رحماك باخواننا المسلمين المستضعغين في سوريا الحبيبه ، اللهم وعجل بفرجهم يا رب العالمين ، ولا حول ولا قوة الا بالله .
جزاك الله خير شيخنا الحبيب أبوأيوب وبارك الله فيك وفي جهدك وعلمك وعملك
والله ينفعك وينفع بك والله يكتب لك الخير حيث كان والله يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس
الأعلى
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مشاري بن مجلاد القراشي
جزاك الله خير شيخنا الحبيب أبوأيوب وبارك الله فيك وفي جهدك وعلمك وعملك
والله ينفعك وينفع بك والله يكتب لك الخير حيث كان والله يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس
الأعلى
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
آمين وإياك أخي في الله وأشكرك على كلماتك
جزاك الله خير شيخنا الحبيب أبوأيوب وبارك الله فيك وفي جهدك وعلمك وعملك
والله ينفعك وينفع بك والله يكتب لك الخير حيث كان والله يجعلنا وإياكم من أهل الفردوس
الأعلى