65)
#أصول_أهل_السنة_و_الجماعة
_ المتن :
بل هم الوسط في فِرَق الأُمّة ،
كما أنّ الأمّة هي الوسط في الأمم .
فهُم وسطٌ في باب صفات الله سبحانه وتعالى :
بين أهل التّعطيل « الجهميّة »
وبين أهل التمثيل « المُشبِّهَة » .
وهم وسطٌ في باب أفعال الله تعالى :
بين « الجبريّة » و« القَدريّة » وغيرهم،
وفي باب وعيد الله :
بين « المُرجئة » ، وبين « الوعيدية »
– من القدريّة وغيرهم – .
وفي باب أسماء الإيمان والدِّين :
بين « الحروريَّة والمعتزلة »
وبين « المرجئة والجهميّة » .
وفي باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين « الرّافضة » وبين « الخوارج » .

_ الشرح :
لما بين الشيخ رحمه الله موقف أهل السنة والجماعة من النصوص الواردة في الكتاب والسنة في صفات الله تعالى ،
أراد أن يبيّن مكانتهم بين فرق الأمة ؛
حتى يعرف قدرهم وفضلهم بمقارنتهم بغيرهم .
فإن الضدّ يُظهر حسنه الضدّ .
وبضدها تتبين الأشياء .
قال رحمه الله :
( بل هم الوسط في فرق الأئمة )
قال في المصباح المنير :
الوسط بالتحريك : المعتدل
والمراد بالوسط هنا : العدل الخِيار
قال تعالى في الآية ( 143) من سورة البقرة { وكذلك جعلناهم أُمّة وسطا لّتكونوا شهداء على النّاس }
فأهل السّنة وسطٌ بمعنى أنهم عدول خيار . وبمعنى أنهم متوسطون بين فريقي الإفراط والتفريط ،
فهم وسطٌ بين الفِرق المنتسبة للإسلام .
كما أن الأمة الإسلامية وسط بين الأمم .
فهذه الأمة وسط بين الأمم التي تميل إلى الغلو والإفراط والأمم التي تميل إلى التفريط والتساهل .
وأهل السنة والجماعة من هذه الأمة وسط
بين فرق الأمة المبتدعة التي انحرفت عن الصراط المستقيم ؛ فغلا بعضها وتطرف ،
وتساهل بعضها وانحرف .
ثم بيّن الشيخ رحمه الله تفصيل ذلك فقال : ( فهم ) أي : أهل السنة والجماعة .
أولا : ( وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالى بين أهل التعطيل الجهميّة
وأهل التمثيل المشبهة )
فالجهميّة
" نسبة إلى الجهم بن صفوان الترمذي "
هؤلاء غَلَوا وأفرطوا في التنزيه ،
حتى نفوا أسماء الله وصفاته ؛ حَذراً من التشبيه بزعمهم وبذلك سموا معطلة ؛
لأنهم عطلوا الله من أسمائه وصفاته .
( وأهل التمثيل المشبهة ) سموا بذلك لأنهم غلوا وأفرطوا في إثبات الصفات ؛ حتى شبهوا الله بخلقه ومثلوا صفاته بصفاتهم .
( تعالى الله عما يقولون )
وأهل السنة توسطوا بين الطرفين
فأثبتوا صفات الله على الوجه اللائق بجلاله
من غير تشبيه ولا تمثيل ،
فلم يغلوا في التنزيه ولم يغلوا في الإثبات .
بل نزّهوا الله بلا تعطيل وأثبتوا له الأسماء والصفات بلا تمثيل .
ثانيا : وأهل السنة والجماعة ( وسط في باب أفعال الله بين الجبرية والقدرية )
فالجبرية " نسبة إلى الجبر لأنهم يقولون :
إن العبد مجبور على فعله "
فهم غلوا في إثبات أفعال الله حتى نفوا أفعال العباد ،
وزعموا أنهم لا يفعلون شيئا ، وإنما الله
هو الفاعل والعبد مجبور على فعله
فحركاته وأفعاله كلها اضطرارية كحركات المرتعش ،
وإضافة الفعل إلى العبد مجاز .
( والقدرية ) نسبة إلى القدر
غلوا في إثبات أفعال العبد ،
فقالوا : إن العبد يَخلقُ فِعلَ نفسِه بدون مشيئة الله وإرادته ، فأفعال العباد لا يدخل تحت مشيئة الله وإرادته ؛ فالله يُقدِّرْها ولم يردْها وإنما فعلوها هم استقلالا .
وأهل السنة توسطوا وقالوا للعبد اختيار ومشيئة وفعل يصدر منه .
ولكنه لا يفعل شيئا بدون إرادة الله ومشيئته وتقديره قال تعالى :
{ والله خلقكم وما تعملون } ( الآية 96)
من سورة الصافات .
فأثبت للعباد عملا هو من خلق الله تعالى وتقديره . وقال تعالى :
{ وما تشاءون إلاّ أن يشاء الله ربّ العالمين } الآية (29) من سورة التكوير
فأثبت للعباد مشيئة تأتي بعد مشيئة الله تعالى وسيأتي لهذا مزيد إيضاح إن شاء الله تعالى
في مبحث القدر .
ثالثا : وأهل السنة والجماعة وسط
( في باب وعيد الله )
والوعيد : التخويف والتهديد
والمراد هنا النصوص التي فيها توعُّدٌ للعصاة بالعذاب والنكال وقوله : ( بين المرجئة والوعيدية من القدرية وغيرهم )
المرجئة
" نسبة إلى الإرجاء وهو التأخير "
سُمُّوا بذلك لأنهم أخروا الأعمال عن مُسمَّى الإيمان ،
حيث زعموا أن مرتكب الكبيرة غير فاسق .
وقالوا :
لا يضر مع الإيمان ذنب كما لا ينفع مع الكفر طاعة فعندهم أن مرتكب الكبيرة كامل الإيمان غير معرَّض للوعيد ؛
فهم تساهلوا في الحكم على العاصي وأفرطوا في التساهل ، حتى زعموا أن المعاصي
لا تنقص الإيمان ،
ولا يحكم على مرتكب الكبيرة بالفسق .
وأما الوعيدية : فهم الذين قالوا بإنفاذ الوعيد على العاصي ، وشددوا في ذلك حتى قالوا :
إن مرتكب الكبيرة إذا مات ولم يتب
فهو مخلد في النار .
وحكموا بخروجه من الإيمان في الدنيا .
وأهل السنة والجماعة توسطوا بين الطرفين فقالوا : إن مرتكب الكبيرة آثم ومعرَّض للوعيد وناقص الإيمان ويُحكم عليه بالفسق
( لا كما تقول المرجئة إنه كامل الإيمان
وغير معرض للوعيد )
ولكنه لا يخرج من الإيمان ولا يخلد في النار
إن دخلها ؛ فهو تحت مشيئة الله إن شاء
عفا عنه وإن شاء عذبه بقدر معصيته ،
ثم يخرج من النّار ويدخل الجنة
( لا كما تقوله الوعيدية بخروجه من الإيمان وتخليده في النار )
فالمرجئة أخذوا بنصوص الوعد .
والوعيدية اخذوا بنصوص الوعيد .
وأهل السنة والجماعة جمعوا بينهما .
رابعا : وأهل السنة والجماعة وسط
( في باب أسماء الإيمان والدين )
أي : الحكم على الإنسان بالكفر أو الإسلام
أو الفسق ،
وفي جزاء العصاة في الدنيا والآخرة .
( بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية )
الحرورية : هم الخوارج سُمّوا بذلك نسبة
إلى حروريّ [ حروراء ] قرية بالعراق
اجتمعوا فيها حين خرجوا على علي
رضى الله عنه .
والمعتزلة هم : أتباع واصل بن عطاء الذي اعتزال مجلس الحسن البصري وانحاز إليه أتباعه بسبب خلاف وقع بينهما في حكم مرتكب الكبيرة من المسلمين
فقال الحسن رحمه الله عن واصل هذا :
إنه قد اعتزلنا ، فسموا معتزلة .
فمذهب الخوارج والمعتزلة في حكم مرتكب الكبيرة من المسلمين مذهب متشدد
حيث حكموا عليه بالخروج من الإسلام
ثم قال المعتزلة : إنه ليس بمسلم ولا كافر بل هو بالمنزلة بين المنزلتين .
وقال الخوارج : إنه كافر .
واتفقوا على أنه إذا مات على تلك الحال
أنه خالد مخلد في النار .
وقابلتهم المرجئة والجمهية فتساهلوا في حكم مرتكب الكبيرة وأفرطوا في التساهل معه فقالوا : لا يضر مع الإيمان معصية
لأن الإيمان عندهم هو تصديق القلب فقط
أو مع نطق اللسان على خلاف بينهم
ولا تدخل فيه الأعمال ؛
فلا يزيد بالطاعة ولا ينقص بالمعصية .
فالمعاصي لا تُنقص الإيمان ولا يستحق صاحبها النّار إذا لم يستحلها .
وأهل السنة والجماعة توسطوا بين الفريقين فقالوا : إن العاصي لا يخرج من الإيمان لمجرد المعصية .
وهو تحت المشيئة إن شاء الله عفا عنه
وإن شاء عذبه في النار ،
لكنه لا يخلد فيها كما تقول الخوارج والمعتزلة .
والمعاصي تنقص الإيمان ويستحق صاحبها دخول النّار إلاّ أن يعفو الله عنه .
ومرتكب الكبيرة يكون فاسقاً ناقص الإيمان ،
لا كما تقول المرجئة إنه كامل الإيمان .
والله تعالى أعلم .
خامساً : وأهل السنة والجماعة وسط في حق ( أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الرافضة والخوارج ) : – الصحابي هو من لقي النبيّ مؤمنا به ومات على ذلك – ,
– والرافضة اسم مأخوذ من الرفض
وهو الترك ، سموا بذلك لأنهم قالوا لزيد بن علي بن الحسين : تبرأ من الشيخين أبي بكر وعمر ، فأبى وقال ومعاذ الله .
فرفضوه فسُمّوا رافضة – .
ومذهبهم في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم غلو في علي رضي الله عنه وأهل البيت وفضلوهم على غيرهم ،
ونَصَبوا العداوة لبقية الصحابة ،
خصوصاً الخلفاء الثلاثة أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم .
وسبوهم ولعنوهم وربما كفروهم أو كفروا بعضهم .
وقابلهم الخوارج فكفروا عليّا رضي الله عنه وكفروا معه كثيرا من الصحابة ،
وقاتلوهم واستحلوا دماءهم وأموالهم .
وأهل السنة والجماعة خالفوا الجميع
فوالَوا جميع الصحابة ،
ولم يغلوا في أحد منهم واعترفوا بفضل
جميع الصحابة ،
وأنهم أفضل هذه الأمة بعد نبيها .
ويأتي لهذا مزيد بيان .
_______
وسطية الإسلام ..
http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=244876
نصوص الوعد والوعيد
http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=245166
فوائد تتعلق بالصحابة رضي الله عنهم أجمعين
http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=238247
الدعوة السلفية والأدلة على وجوب اتباعِ الصّحابة رضي الله عنهم
http://www.alawazm.com/vb/showthread...=247174&page=4
( يتبع ) ...................