قال ابن عبد البر في التمهيد (279/23) :
وأن لا نُنازِع الأمرَ أهلَه ، فاختلف الناس في ذلك فقال قائلون :
أهلُه أهلُ العدل والإحسان والفضل والدين ، فهؤلاء لا يُنازَعون لأنهم أهلُه ،
وأما أهل الجور والفسق ، والظلم ، فليسوا له بأهل ; ألا ترى إلى قول الله - عز وجل - لإبراهيم عليه السلام قال : { إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين }،
وإلى منازعة الظالم الجائر ،
ذهبت طوائف من المعتزلة وعامة الخوارج .
وأما أهل الحق ، وهم أهل السنة ،
فقالوا : هذا هو الاختيار أن يكون الإمام فاضلا عدلا محسنا ،
فإن لم يكن ، فالصبر على طاعة الجائرين من الأئمة أولى من الخروج عليه ;
لأن في منازعته والخروج عليه استبدال الأمن بالخوف ،
ولأن ذلك يحمل على هراق الدماء ، وشن الغارات ، والفساد في الأرض ،
وذلك أعظم من الصبر على جوره وفسقه ،
والأصول تشهد والعقل والدين أن أعظم المكروهَين أولاهما بالترك ،
وكل إمام يقيم الجمعة ، والعيد ، ويجاهد العدو ، ويقيم الحدود على أهل العداء ،
وينصف الناس من مظالمهم بعضهم لبعض ، وتسكن له الدهماء ، وتأمن به السبل ،
فواجب طاعَتُه في كل ما يأمر به من الصلاح أو من المباح .