قال الله تعالى : { إنّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والهُدَى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ومَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ والْمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ العَذَابُ ولَا هُمْ يُنْظَرُونَ }
سورة البقرة 159 - 162
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
هذه الآية وإن كانت نازلة في أهل الكتاب, وما كتموا من شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وصفاته, فإن حكمها عام لكل من اتصف بكتمان ما أنزل الله
{ مِنَ الْبَيِّنَاتِ } الدالات على الحق المظهرات له، { والْهُدَى } وهو العلم الذي تحصل به الهداية إلى الصراط المستقيم, ويتبين به طريق أهل النعيم, من طريق أهل الجحيم، فإن الله أخذ الميثاق على أهل العلم, بأن يبينوا الناس ما منّ الله به عليهم من علم الكتاب ولا يكتموه،
فمن نبذ ذلك وجمع بين المفسدتين, كتم ما أنزل الله, والغش لعباد الله، فأولئك
{ يَلْعَنُهُمُ اللهُ }
أي : يبعدهم ويطردهم عن قربه ورحمته .
{ ويَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ } وهم جميع الخليقة, فتقع عليهم اللعنة من جميع الخليقة, لسعيهم في غش الخلق وفساد أديانهم, وإبعادهم من رحمة الله,
فجُوزوا من جنس عملهم، كما أن معلم الناس الخير, يصلي الله عليه وملائكته, حتى الحوت في جوف الماء, لسعيه في مصلحة الخلق, وإصلاح أديانهم, وقربهم من رحمة الله, فجوزي من جنس عمله، فالكاتم لما أنزل الله, مضاد لأمر الله, مشاق لله, يبين الله الآيات للناس ويوضحها، وهذا يطمسها فهذا عليه هذا الوعيد الشديد .
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا } أي رجعوا عما هم عليه من الذنوب, ندما وإقلاعا, وعزما على عدم المعاودة { وأَصْلَحُوا } ما فسد من أعمالهم، فلا يكفي ترك القبيح حتى يحصل فعل الحسن .
ولا يكفي ذلك في الكاتم أيضا, حتى يبين ما كتمه, ويبدي ضد ما أخفى، فهذا يتوب الله عليه, لأن توبة الله غير محجوب عنها،
فمن أتى بسبب التوبة, تاب الله عليه,
لأنه { التَّوَّابُ } أي : الرجاع على عباده بالعفو والصفح, بعد الذنب إذا تابوا, وبالإحسان والنعم بعد المنع, إذا رجعوا،
{ الرَّحِيمُ } الذي اتصف بالرحمة العظيمة, التي وسعت كل شيء ومن رحمته أن وفقهم للتوبة والإنابة فتابوا وأنابوا, ثم رحمهم بأن قبل ذلك منهم, لطفا وكرما,
هذا حكم التائب من الذنب .
وأما من كفر واستمر على كفره حتى مات ولم يرجع إلى ربه, ولم ينب إليه, ولم يتب عن قريب فأولئك
{ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ والْمَلَائِكَةِ والنَّاسِ أَجْمَعِينَ } لأنه لما صار كفرهم وصفا ثابتا, صارت اللعنة عليهم وصفا ثابتا لا تزول, لأن الحكم يدور مع علته, وجودا وعدما .
و { خَالِدِينَ فِيهَا }
أي : في اللعنة, أو في العذاب والمعنيان
{ لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ }
بل عذابهم دائم شديد مستمر
{ ولَا هُمْ يُنْظَرُونَ }
أي : يمهلون, لأن وقت الإمهال وهو الدنيا قد مضى, ولم يبق لهم عذر فيعتذرون .
وقال الألوسي في روح المعاني :
{ إِلاَّ الذين تَابُوا } أي : رجعوا عن الكتمان أو عنه وعن سائر ما يجب أن يتاب عنه بناءاً على أن حذف المعمول يفيد العموم ،
وفيه إشارة إلى أن التوبة عن الكتمان فقط لا يوجب صرف اللعن عنهم ما لم يتوبوا عن الجميع فإن للعنهم أسباباً جمة { وأصْلَحُوا } ما أفسدوا بالتدارك فيما يتعلق بحقوق الحق والخلق
ومن ذلك أن يصلحوا قومهم بالإرشاد إلى الإسلام بعد الإضلال وأن يزيلوا الكلام المحرف ويكتبوا مكانه ما كانوا أزالوه عند التحريف
{ وبَيَّنُوا } أي : أظهروا ما بينه الله تعالى للناس معاينة وبهذين الأمرين تتم التوبة ،
وقيل : أظهروا ما أحدثوه من التوبة ليمحوا سمة الكفر عن أنفسهم ويقتدى بهم أضرابهم فإن إظهار التوبة ممن يقتدي به شرط فيها على ما يشير إليه بعض الآثار ،
وفيه أن الصحيح إظهار التوبة إنما هو لدفع معصية المتابعة وليس شرطاً في التوبة عن أصل المعصية فهو داخل في قوله تعالى : ( وأصلحوا ) { فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ } بالقبول وإفاضة المغفرة والرحمة .
http://www.mediumd.com/mediu/mulakha...1-sept2010.doc
وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا }
استثنى تعالى التائبين الصالحين لأعمالهم وأقوالهم المنيبين لتوبتهم .
ولا يكفي في التوبة عند علمائنا قول القائل :
قد تبت ,
حتى يظهر منه في الثاني خلاف الأول ,
فإن كان مرتدا رجع إلى الإسلام مظهرا شرائعه , وإن كان من أهل المعاصي ظهر منه العمل الصالح , وجانب أهل الفساد والأحوال التي كان عليها , وإن كان من أهل الأوثان جانبهم وخالط أهل الإسلام , وهكذا يظهر عكس ما كان عليه .
وسيأتي بيان التوبة وأحكامها في " النساء "
إن شاء الله تعالى .
وَبَيَّنُوا قال بعض العلماء في قوله :
" وبينوا " أي بكسر الخمر وإراقتها .
وقيل : " بينوا " يعني ما في التوراة من نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب اتباعه .
والعموم أولى على ما بيناه ,
أي بينوا خلاف ما كانوا عليه ,
والله تعالى أعلم . اهـ
______
قال تعالى : { إلَّا الَّذِينَ تَابُوا وأَصْلَحُوا وبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (160) }
تفسير ابن كثير - سورة البقرة - الآية 160
http://quran.ksu.edu.sa/tafseer/kath...a2-aya160.html
قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله :
« فالداعي إلى الكفر والبدعة ،
وإن كان أضل غيره فذلك الغير يعاقب على ذنبه لكونه قَبِل من هذا واتبعه ، وهذا عليه وزره ووزر
من اتبعه إلى يوم القيامة ،
مع بقاء أوزار أولئك عليهم،
فإذا تاب من ذنبه لم يبق عليه وزره ،
ولا ما حمله هو لأجل إضلالهم ،
وأما هم فسواء تاب أو لم يتب حالهم واحد
ولكن توبته قبل هذا تحتاج إلى ضد ما كان عليه من الدعاء إلى الهدى كما تاب كثير من الكفار وأهل البدع وصاروا دعاة إلى الإسلام والسنة وسحرة فرعون كانوا أئمة في الكفر ثم أسلموا وختم الله لهم بخير » . اهـ
_ مجموع فتاوى ( 16 / 25 ) .
قال ابن القيم رحمه الله تعالى :
« .. وتوبة هؤلاء الفساق من جهة الاعتقادات الفاسدة بمحض أتباع السنة، ولا يكتفي منهم بذلك أيضاً حتى يبينوا فساد ما كانوا عليه من البدعة إذ التوبة من ذنب بفعل ضده ،
ولهذا شرط الله تعالى في توبة الكاتمين ما أنزل الله من البنيات والهدى .. »
_ مدارج السالكين ( 1 / 372 )
قال ابن القيم رحمه الله تعالى : « لهذا كان من توبة الداعي إلى البدعة أن يبين أنّ ما كان يدعو إليه بدعة وضلالة، وأن الهدى في ضده، كما شرط تعالى في توبة أهل الكتاب الذين كان ذنبهم كتمان ما أنزل الله من البيّنات والهدى ليضلوا الناس بذلك : أن يصلحوا العمل في نفوسهم، ويبينوا للناس
ما كانوا يكتمونهم إياه، فقال :
{ إنَّ الَّذينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ والهُدَى
مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ في الكِتابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ ويَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُـونَ
إلا الَّذِينَ تَابُـوا وأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا
فأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ } ... »
_ عدة الصابرين ( ص 93 ) .
قال الامام ابن عثيمين رحمه الله
في تفسير قوله تعالى :
{ إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ }
{ إلا الذين تابوا } الاستثناء هنا متصل؛ لأنه استثناء من الكاتمين؛
يعني إلا إذا تابوا؛
و« التوبة » في اللغة : الرجوع؛
وفي الشرع : الرجوع من معصية الله
إلى طاعته؛
والمراد بالتوبة هنا الرجوع عن كتمان
ما أنزل الله إلى بيانه، ونشره .
قوله تعالى : { وأصلحوا }
أي أصلحوا عملهم
{ وبينوا } أي : وضحوا للناس ما كتموا
من العلم ببيانه، وبيان معانيه؛
لأنه لا يتم البيان إلا ببيان المعنى؛
{ فأولئك } يعني الذين تابوا،
وأصلحوا، وبينوا { أتوب عليهم }
أي : أقبل منهم التوبة؛
لأن توبة الله على العبد لها معنيان؛
أحدهما : توفيق العبد للتوبة؛
الثاني : قبول هذه التوبة،
كما قال الله تعالى :
{ ثم تاب عليهم ليتوبوا } .
إلى أن قال رحمه الله تعالى :
ومن فوائد الآية : عظم الكتمان؛
لأن الله ذكر لنجاتهم من هذه اللعنة ثلاثة شروط : التوبة، والإصلاح، والبيان؛
لأن كتمهم لِما أنزل الله يتضمن إفساداً في الأرض، وإضلالاً للخلق؛
فتوبتهم منه لا تكفي حتى يصلحوا ما فسد بسبب كتمانهم،
مثال ذلك : قوم كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا : « ليس هو بالرسول الذي سيبعث »؛ فسيضل من الناس بناءً على قولهم عالَم؛
فلا يكفي أن يتوبوا، ويندموا، ويقلعوا، ويُسْلِموا،
حتى يصلحوا ما أفسدوا من الآثار التي ترتبت على كتمانهم الحق؛
وإلا لم تصح التوبة . اهـ
التوبة والعمل الصالح
مجلة البحوث الإسلامية
http://www.alifta.net/Fatawa/fatawaD...eNo=1&BookID=2
من عبدالعزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير المكرم نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية وفقه الله .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد :
فأشير إلى كتاب سموكم الكريم رقم
(م/ب/4/192/م ص)
وتاريخ 21 – 22 / 3/1414 هـ
المتضمن توجيه خادم الحرمين الشريفين
حفظه الله بعرض تجاوزات كل من / سفر بن عبد الرحمن وسلمان بن فهد العودة في بعض المحاضرات والدروس على مجلس هيئة كبار العلماء في دورته الحادية والأربعين المنعقدة بالطائف ابتداء من تاريخ 18 / 3 / 1414 هـ
ضمن ما هو مدرج في جدول أعماله
وأفيد سموكم أن مجلس هيئة كبار العلماء إطلع على كتاب سموكم المشار إليه
ومشفوعة ملخص لمجالس ودروس المذكورين من أول محرم 1414 هـ ونسخة من كتاب / سفر الحوالي ( وعد كيسنجر )
وناقش الموضوع من جميع جوانبه واطلع كذلك على بعض التسجيلات لهما وبعد الدراسة والمناقشة رأى المجلس بالإجماع : ( مواجهة المذكورين بالأخطاء التي عرضت على المجلس – وغيرها من الأخطاء التي تقدمها الحكومة - بواسطة لجنة تشكلها الحكومة ويشترك فيها شخصان من أهل العلم يختارهما معالي وزير الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد فإن اعتذرا عن تلك التجاوزات والتزما بعدم العودة إلى شيء منها وأمثالها فالحمد لله ويكفي وإن لم يمتثلا منعا من المحاضرات والندوات والخطب والدروس العامة والتسجيلات حماية للمجتمع من أخطائهما هداهما الله وألهمهما رشدهما ) . اهـ
وقد طلب إلي المجلس إبلاغ سموكم رأيه هذا وأعيد لسموكم برفقه كتابكم المشار إليه ومشفوعاته
وأسأل الله أن يوفق خادم الحرمين الشريفين وسموكم لما يحبه ويرضاه وأن يعين الجميع على كل خير إنه سميع قريب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مفتي عام الملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء و إدارة البحوث العلمية والإفتاء .
_انظر مدارك النظر ( ص 490 ) .
كِتْمَانُ الحَقِّ مَعَ العِلْمِ بِهِ ..
http://www.al-amen.com/vb/showthread.php?t=2046
توبة المبتدع ،
وما الواجب عليه لتُقبل توبته .
للعلاّمة صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله
http://youtu.be/htQLli3LdOw
من شروط توبة المبتدع ...
للشيخ العلاّمة ابن عثيمين رحمه الله
http://youtu.be/oUD4gBs0iws
الشيخ العلاّمة عبدالعزيز بن باز رحمه الله
وتكفيره للبعثي صدام حسين ..
http://youtu.be/_6yJk2fQdI8
الشيخ عبدالعزيز الراجحي حفظه الله
هل صدام شهيد ؟
http://youtu.be/UPzyher26QI