بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki
Instagram: @ahmad_alburaiki
طريق يُمهّده الليل يسيلُ بي في حالة سفر قصيرة إلى ساحل الدّمام، الذي صار يومَ غزوٍ أليم.. «مستعمرةً» كويتية آمنة.. وقتئذ فتحت هذه المدينة الخليجية صدرها لتدمل جرح الصدور المغدورة، والدمام هي عاصمة المنطقة الشرقية للمملكة العربية السعودية، ومركزها التجاري والسكاني، وعلى بحرها يقع أهم ميناء لتصدير النفط السعودي الرئيسي، الذي من فوق أرصفته يتنفّس العالم بأكمله رائحة البترول، وقد أشتُقّ اسم الدمام من معنى «الإطباق على الشيء»، ذاك لأنها بقعة تحيطها أشجار النخيل «القطيفيّة» من كل ناحية، حتى تكاد تُطبق عليها.
وبما أن الهوى جيولوجي فيمكنني أن أرمي في بئر الغواية شيئاً، فللدمام تكوين جيولوجي يمتد من الحواف الصخرية البحرية التي تنتهي عندها الطبقة العربية التكتونية والمحاذية «لزاغروس» فارس، وتنتهي شمالاً تحت قشرة الأرض عند مقوَع الكويت، وعرضها يقارب ثمانين كيلومترا، ويغطي معظم سطحها رسوبيات ملحيّة مكونة عادة من الجبس والرسوبيات الكلسِيّة والطَفل وطبقات «الغتش» الصلدة، وفي باطنها مكامن عملاقة تتجمع في جوفها كميات هائلة تحوي الزيت أو البترول والغاز الطبيعي، اللذان يعدّان من أهم ثروات الخليج المعدنية، ويعود تاريخ نشأة هذه الطبقة الكبيرة الغنيّة إلى العهد الرباعي المتقدم «الأيوسيني» قبل ما يربو على 50 مليون سنة مضت.. في ظل عصرٍ مطير اكتسح الأرض لعدة آلاف من السنين، ما ساعد في تكوين ظاهرة الـ «دمام فورميشن».
أحلّ ضيفا على مائدة إيطالية، وعشاء «خبريّ» (نسبة إلى مدينة الخبر الأنيقة الساحلية).. والمطبخ الإيطالي المتنوّع يستحق العناء بلا شك، بعد أن امتدّ شرقاً حتى طلبته طاولات الصين وكوريا وبلاد الشمس المشرقة.. يوم أن أوصل الطلبيّة لتلك البقاع في سالف التاريخ الرحالة الإيطالي الأشهر «ماركو بولو» خلال إحدى رحلاته الشيّقة.. لتشيع الباستا الشهية في الشرق البعيد، حتى أدمنتها الشعوب الآسيوية فغدت «النودلز» غداء وإفطاراً وولائم للسهرات.. واتجهت ذائقة «البيتزا» واللزانيا كذلك غرباً حتى حطّت رائحتها الزكية في وطن العم سام.. الذي تفنّن «اليانكي» في صياغته لتتّقد الأفران وتنتفخ العجائن، مكونة في كلتا القارتين سلاسل طويلة للمطاعم المتخصصة، لذا وقع خياري على مطعم (كورليوني) الذي أخذ تسميته من الشخصية الخيالية التي ظهرت متسيّدة في رواية.. The Godfather أو «العرّاب»، التي تحولت إلى ثلاثة أجزاء سينمائية لأفلام المغامرات «المافيويّة»، ويعد عميد عائلة «كورليوني» (الذي تظهر صورته معلّقة على جدار المطعم) ذا نفوذ كبير، استطاع بعد أن ارتبط بعلاقاته الأخطبوطية بشخصيات مجتمعية مهمة سياسية كانت أو اقتصادية أو حتى فنيّة، مضافاً إليها طريقته المتقنة في إدارة الجريمة المنظمة، من خلال شبكة مجندة تعمل تحت تصرفه وفي طاعته، ما جعل كثيرا من الناس يلجؤون إليه لحمايتهم ومساعدتهم.
التوقيع - أحمد مبارك البريكي
....
أحمد مبارك البريكي، من النوع الذي يحرص كثيراً على جمال مقالته، فبعد أن يكتبها يعلقها على الحائط ويتراجع إلى الخلف خطوات ليراها عن بعد، ثم يعود ويضع بعض التعديلات الخفيفة، قبل أن يقدمها للزبائن… وأشهد أن ذائقته فرنسية رائعة.
البريكي تابعوه وسأبحث معكم عن أزهار الصحافة الزاهية الألوان بعد أن كثر الشوك، ولكم علي أنني كلما وجدت زهرة سأصرخ وأنا أشير إليها: «هذه واحدة… فاستنشقوها».
....
محمـد الوشيحــي