تاريخ الساحل الشرقي من الجزيرة العربية
يبدو أن الباحثين قدامى ومعاصرين اختلفوا في تسمية الخليج وفي تحديد ابعاده الجغرافية ، أما التسمية فهي ليست مجرد خلاف اسمي وانما تعدت ذلك لتعكس رؤى سياسية واقتصادية مختلفة ، لقد كان الاسم المتعارف عليه الخليج في التاريخ القديم هو ( البحر الأدنى ) حيث يقابله البحر الأعلى وهو البحر الأبيض المتوسط ، اما من الناحية التاريخية فإن اقاليم الخليج كافة من شرقية وشمالية وغربية إلى نفس العوامل والمؤثرات التالريخية تقريباً في نعرض كلامنا في فصول هذا الكتاب ، اما الناحية البشرية واللغوية فالمنطقة يسكنها العرب في جميع اطرافها ويتكلمون بطبيعة الحال لغتهم العربية .
( أقليم البحرين )
هو الأقليم الممتد من جنوب البصرة إلى عمان ، وهي متصلة غرباً باليمامة وجنوباً بعمان وشمالاً بالبصرة وشرقاً بمياه الخليج العربي ، والبحرين جزء لا يتجزأ من الجزيرة العربية ، وقد ذكرها المؤرخين والجغرافيون المسلمون ، كأحد اقاليم الجزيرة العربية مثل اليمن والحجاز وتهامة واليمامة والبحرين ، وكان العرب يسمون الشاطىء الممتد بين البصرة وعمان بالخط هو يضاف احياناً فيسمى خط عبد القيس وبالتحديد فإن السهول الساحلية الممتدة من كاظمة شمالاً حتى رأس مسندم هي البحري ، ويضاف إليها جزيرة آوال وهو الاسم القديم لمملكة البحرين الحالية ، ويعدد ياقوت الحموي الأماكن والمدن التي تشتمل عليها البحرين الصفا والمشقر ، واحياناً يطلق اسم هجر على البحرين من باب اطلاق الجزء على الكل ، على أن مدينة هجر مالبثت أن اندثرت في القرن الثالث الهجري وقامت محلها مدينة ( الأحساء ) وخاصة بعد سيطرة القرامطة على البحرين ، والملاحظة في تحديد البحرين اطراب الروايات واختلاف الجغرافين في ذلك ولعل احد اسباب ذلك هو اعتمادهم على الروايات الشفوية والأخبار دون المشاهدة والمعاينة على الطبيعة ، فليس كل من كتب في الجغرافية رحل إلى الأصقاع ليتثبت من صحة معلوماته ! !
هذا ولا بد من الإشارة بأن اقليم البحرين يشتمل على عدة جزر ذكرتها بعض المصادر التاريخية وهي جزيرة آوال واسمها القديم ( ترم ) وجزيرة شفار وتاروت وحوارين وقطر ، ومنذ أن وقعت بغداد تحت السيطرة الأجنبية البويهية ثم السلجوقية ، ثم احتلها المغول عام 656هـ - 1258م بدأت قوى وكيانات قبلية جديدة في منطقة الخليج تفرض وجودها وسيطرتها اكثرمن ذي قبل ، وهنا نلاحظ نشاط امارات عربية في الخليج العربي مثل امارة العصفوريين ، والجروانيين والجبريين والإمامة الأباضية وامارةالمشعشعيين ، لقد وقفت هذه الإمارات بالإضافة إلى نظام المماليك في الشام ومصرفي وجه النظام الإيخاني في بلاد فارس وما تلا ذلك من سيطرة مغولية ، ولا بد لنا ان نشير بدءاً إلى قلة المصادر والبحوث عن هذه الفترة مما أدى غموضها وارتباط احداثاً ، ولهذا يسميها احد الباحثين بالعصورالمظلمة وقد انتبه الباحث الدكتور الحميدان الى حقيقة مهمة نتجت عن غموض تاريخ المنطقةالخليجية خلال هذه الفترة ، فقال ان هذه الفجوة في معلوماتنا عن تاريخ الخليج العربي تشكل نقطةضعف كثيراً ما استغلت للتشكيك بالهوية القومية والتاريخية للسواحل العربية ولترديد ادعاءات سياسية فيها كما رسمت صورة تاريخية للمنطقة بنيت اساساً على تجاهل دور العرب في صنع احداثها لكي ينسجم ذلك ، ومثل هذه الإدعاءات ، تابع أيها القارىء