04-09-2014, 02:24 PM
|
رقم المشاركة : 1
|
|
الآزور.. جزائر متشظية على وجه المحيط
الآزور.. جزائر متشظية على وجه المحيط
بقلم: أحمد مبارك البريكي
Twitter: @ahmad_alburaiki
Instagram: @ahmad_alburaiki
طائرة الساتا الزرقاء العملاقة تتجه إلى غرب الكون، تحطّ بجناحيها في المدى على أرض صغيرة بارزة من على السطح في مركز المحيط الأطلسي الكبير، أنا على متن الرحلة إلى (أرخبيلية جُزر الآزور).. التي من سمائها يتبدّل الطقس في كل الأرض، وتنطلق الرياح المداريّة في كل الاتجاهات الثمانية، ويتغير عندها مسار الإعصار، ويعرف أهل الأرصاد أهمّيتها المناخيّة جيداً، وتتفرد هذه الجزر التي يغلب على كل شيء فيها اللونان الأزرق الكُحليّ والأخضر العُشبيّ بطبيعة جيولوجية خاصة، فهي تمثّل النهاية الهرميّة الأخيرة لقمم الجبال البركانية البازغة فوق الماء، وجذورها من قعر المحيط العميق الذي في قاعه تتشقق القشرة الأرضية، وتتباعد جنباتها شرقاً وغرباً عند أخدود الحاجز المتصدّع العظيم الذي يشقّ الأطلس من أقصى الشمال القطبي إلى أقصى الجنوب، ما يُعرف جيولوجياً بظاهرة الصفائح التكتونية الامتداديّة أو Divergent Spreading Tectonic، وتنتصف هذه الجزائر المنفوشة في الماء المسافة بين قارتي أوروبا وأميركا الشمالية.
شمس أخرى.. ورحلة في اقتفاء أثر حوت العنبر (Sperm Whale)، أو كما يطلق عليه السكان المحليّون اسم (كاتشالوت).. وتعتبر الآزور من أهم مواطن تجمّعه، يخت يردف على متنه الأبيض خليط من أناس يتدرّعون ثقافات شتى، أجمعوا على رؤية هذا المخلوق العملاق، الذي تشير دراسات مختصة في علم الأحياء البحرية بأنه مهدد بالانقراض خلال العقود القادمة، وذلك بسبب الصيد التجاري الجائر لهذا النوع، وتتميز هذه الحيتان باحتواء جوفها الضخم على مادة شمعيّة سائلة هي مادة العنبر التي يتداولها البشر كعطر ثمين ونادر، واستخدمها القدماء كزيت لإشعال المصابيح.. والعنبر حوت ملهم للروائيين أيضاً.. فقد حمل على عاتقه أسفاراً ورواية للكاتب الأميركي "ملفيل"، الذي ابتدع شخصية الحوت "Moby Dick"، عام 1851 عقب غرق سفينة التحويت الأميركية (إسكز)، التي نسفها حوت عنبريّ عملاق رأساً على عقب.. في عرض المحيط عام 1819.
بعد رحلة صيد مشاهدة الحيتان.. أعود فتصدفني زهرة "الأورتانسيا" البديعة.. وهي زهرة الآزور القومية، وتنتشر في كل الأركان المونقة من الجزيرة، حتى صارت رمزاً أريجياً يزيّن الأجواء بنشوة العطر، ما جعل حاكمية بلدية الإقليم تقوم بتوزيعها في كل جادة وممر وشارع على شكل باقات جميلة كهدية طبيعية تسرّ الرائين والعابرين، والزهرة الحالمة التي تتشكل أوراقها على كل الألوان القزحيّة (أجملها في نظري الزرقاء الممزوجة بالكريمي).. تسمّى عربياً بـ "الزهرة الكوبيّة" نسبة لكوب الماء، وهذه دلالة على حاجتها وتخزينها للكثير من الماء لاستمرار حياتها ونشر عبقها البهي على مدار المواسم.
هنا في "سان ميغيل" أكبر الجزر الآزوريّة التسع والعاصمة الإقليمية "بونتا ديلغادا"، هذه المدينة التي تتجمّل مساء بأضواء المصابيح.. ومقاه من نوع حميم تفسح مفارش النظر على الميناء النابض.. هذا نهاري إذاً.. إلى أن يبدّل الترحال دارا.
التوقيع - أحمد مبارك البريكي |
....
أحمد مبارك البريكي، من النوع الذي يحرص كثيراً على جمال مقالته، فبعد أن يكتبها يعلقها على الحائط ويتراجع إلى الخلف خطوات ليراها عن بعد، ثم يعود ويضع بعض التعديلات الخفيفة، قبل أن يقدمها للزبائن… وأشهد أن ذائقته فرنسية رائعة.
البريكي تابعوه وسأبحث معكم عن أزهار الصحافة الزاهية الألوان بعد أن كثر الشوك، ولكم علي أنني كلما وجدت زهرة سأصرخ وأنا أشير إليها: «هذه واحدة… فاستنشقوها».
....
محمـد الوشيحــي |
|
|
|