((( ظهور الاتجاه العقلي )))
" فمضت على هذه القرون ماضون ،
الأولون والآخرون ،
حتى ضرب الدهر ضرباته ،
وأبدى من نفسه حدثاته ،
وظهر قوم أجلاف زعموا أنهم لمن قبلهم أخلاف ،
وادعوا أنهم أكبر منهم في المحصول ،
وفي حقائق المعقول ،
وأهدى إلى التحقيق ،
وأحسن نظرا منهم في التدقيق ،
وأن المتقدمين تفادوا من النظر لعجزهم ،
ورغبوا عن مكالمتهم لقلة فهمهم ،
وأن نصرة مذهبهم في الجدال معهم ،
حتى أبدلوا من الطيب خبيثا ،
ومن القديم حديثا ،
وعَدَلُوا عمّا كان عليه رسول الله
صلى الله عليه وسلموبعثه الله عليه ،
وأوجب عليه دعوة الخلق إليه ،
وامتن على عباده إتمام نعمته عليهم بالهداية
إلى سبيله ،
فقال تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به }
فوعظ الله عز وجل عباده بكتابه ،
وحثّهم على اتباع سنة رسوله ،
وقال في آية أخرى : { ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة }
لا بالجدال والخصومة ،
فرغبوا عنهما وعولوا على غيرهما ،
وسلكوا بأنفسهم مسلك المضلين ،
وخاضوا مع الخائضين ،
ودخلوا في ميدان المتحيرين ،
وابتدعوا من الأدلة ما هو خلاف الكتاب والسنة ؛
رغبة للغلبة وقهر المخالفين للمقالة .
ثم اتخذوها دينا واعتقادا بعد ما كانت دلايل الخصومات والمعارضات ،
وضللوا من لا يعتقد ذلك من المسلمين ،
وتسموا بالسنة والجماعة ،
ومن خالفهم وَسَمُوه بالجهل والغباوة ، فأجابهم إلى ذلك من لم يكن له قدم في معرفة السنة ،
ولم يَسْعَ في طلبها ؛
لما يلحقه فيها من المشقة ،
وطلب لنفسه الدعة والراحة ،
واقتصر على اسمه دون رسمه لاستعجال الرياسة ،
ومحبة اشتهار الذكر عند العامة ،
والتلقب بإمامة أهل السنة ،
وجعل دأبه الاستخفاف بنقلة الأخبار ،
وتزهيد الناس أن يتدينوا بالآثار ؛
لجهله بطرقها ،
وصعوبة المرام بمعرفة معانيها ،
وقصور فهمه عن مواقع الشريعة منها ،
ورسوم التديّن بها ،
حتى عَفَتْ رسوم الشرائع الشريفة ،
ومعاني الإسلام القديمة ،
وفتحت دواوين الأمثال والشُبَه ،
وطويت دلايل الكتاب والسنة ،
وانقرض من كان يتدين بحِجَجِها ؛
للأخذ بالثقة ، ويتمسك بهما للضنة ،
ويصون سمعه عن هذه البدع المحدثة ،
وصار كل مَن أراد صاحب مقالة وجد على ذلك الأصحاب والأتباع ،
وتوهم أنه ذاق حلاوة السنة والجماعة بنفاق بدعته ،
وكلا أنه كما ظنه أو خطر بباله ،
إذ أهل السنة لا يرغبون عن طرايقهم من الاتباع وإن نشروا بالمناشير ،
ولا يستوحشون لمخالفة أحد بزخرف قولٍ مِن غُرور ، أو بضرب أمثالِ زور " .
شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة
لأبي القاسم هبة الله ابن الحسن بن منصور الطبري رحمه الله .
http://library.islamweb.net/newlibra...k_no=110&ID=11
التصفية والتربية وحاجة المسلمين إليهما للرجوع
إلى سابق عهدهم
http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=241824