05-12-2010, 03:26 PM
|
رقم المشاركة : 11
|
|
ابن القيم يسأل شيخ الإسلام : إبن تيميه عن معنى حديث :
" الّلهُمَّ طَهِّرْنِي مِنْ خَطَايَاي بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ "
وسألت شيخ الإسلام عن معنى دعاء النبى صلى الله عليه وسلم :
" الّلهُمَّ طَهِّرْنِي مِنْ خَطَايَاي بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ".
كيف يطهر الخطايا بذلك ؟ وما فائدة التخصيص بذلك ؟ وقوله فى لفظ آخر " والماء البارد " والحار أبلغ فى الإنقاء ؟ .
فقال :
الخطايا توجب للقلب حرارة ونجاسة وضعفا ، فيرتخي القلب وتضطرم فيه نار الشهوة وتنجسه ، فإن الخطايا والذنوب له بمنزلة الحطب الذى يمد النار ويوقدها ولهذا كلما كثرت الخطايا اشتدت نار القلب وضعفه ، والماء يغسل الخبث ويطفئ النار ، فإن كان بارداً أورث الجسم صلابة وقوة ، فإن كان معه ثلج وبرد كان أقوى فى التبريد وصلابة الجسم وشدته ، فكان أذهب لأثر الخطايا. " هذا معنى كلامه ... أي بن تيميه ... " ،
وهو محتاج إلى مزيد بيان وشرح . " هذا كلام : ... إبن القيم ... "
ويأتي ... بن القيم ... الآن بالبيان والشرح لكلام شيخ الإسلام : ... إبن تيميه ...
فاعلم أن هاهنا أربعة أمور :
أمران حسيان ، وأمران معنويان .
فالنجاسة التى تزول بالماء هى ومزيلها حسيان ،
وأثر الخطايا التى تزول بالتوبة والاستغفار هى ومزيلها معنويان ،
وصلاح القلب وحياته ونعيمه لا يتم إلا بهذا وهذا.
فذكر النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من كل شطر قسما نبه به على القسم الآخر .
فتضمن كلامه الأقسام الأربعة فى غاية الاختصار ، وحسن البيان .
كما فى حديث الدعاء بعد الوضوء :
" اللّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ وَاجْعَلْنِي مِنَ المُتَطَهِّرِينَ ".
فإنه يتضمن ذكر الأقسام الأربعة.
ومن كمال بيانه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ، وتحقيقه لما يخبر به، ويأمر به : تمثيله الأمر المطلوب المعنوى بالأمر المحسوس.
وهذا كثير فى كلامه، كقوله فى حديث على بن أبى طالب : " سَلِ اللهَ الهُدَى وَالسَّدَادَ، وَاذْكُرْ بِالْهُدَى هِدَايَتَكَ الطّرِيقَ، وَبِالسَّدَادِ سَدَادَ السَّهْم ".
هذا من أبلغ التعليم والنصح ، حيث أمره أن يذكر إذا سأل الله الهدى إلى طريق رضاه وجنته : كونه مسافرا، وقد ضل عن الطريق، ولا يدرى أين يتوجه، فطلع له رجل خبير بالطريق عالم بها، فسأله أن يدله على الطريق ، فهكذا شأن طريق الآخرة تمثيلا لها بالطريق المحسوس للمسافر , وحاجة المسافر إلى الله سبحانه : إلى أن يهديه تلك الطريق ، أعظم من حاجة المسافر إلى بلد من يدله على الطريق الموصل إليها , وكذلك السداد ، وهو إصابة القصد قولا وعملا ، فمثله مثل رامى السهم ، إذا وقع سهمه فى نفس الشىء الذى رماه ، فقد سدد سهمه وأصاب ولم يقع باطلا ، فهكذا المصيب للحق فى قوله وعمله بمنزلة المصيب فى رميه . وكثيرا ما يقرن فى القرآن هذا وهذا. فمنه قوله سبحانه تعالى : { وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } [ البقرة: 197 ].
أمر الحاج بأن يتزودوا لسفرهم، ولا يسافروا بغير زاد ، ثم نبههم على زاد سفر الآخرة ، وهو التقوى. فكما أنه لا يصل المسافر إلى مقصده إلا بزاد يبلغه إياه ، فكذلك المسافر إلى الله تعالى والدار الآخرة لا يصل إلا بزاد من التقوى ، فجمع بين الزادين ، ومنه قوله تعالى:
{ يَا بَنِى آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوَى ذلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26 ].
فجمع بين الزينتين : زينة البدن باللباس ، وزينة القلب بالتقوى ، زينة الظاهر والباطن ، وكمال الظاهر والباطن ، ومنه قوله سبحانه تعالى : { فَمنِ اتَّبَعَ هُدَاىَ فَلا يضِلُّ وَلا يَشْقَى } [ طه : 123 ] .
فنفى عنه الضلال ، الذى هو عذاب القلب والروح ، والشقاء الذى هو عذاب البدن والروح أيضا ، فهو منعم القلب والبدن بالهدى والفلاح ، ومنه قول امرأة العزيز عن يوسف عليه السلام لما أرته النسوة اللائمات لها فى حبه : { فَذلِكُنَّ الَّذِى لمُتُنَّنِى فِيه } [ يوسف : 32 ] فأرتهن جماله الظاهر. ثم قالت : { وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ } [ يوسف : 32 ] .
فأخبرت عن جماله الباطن بعفته ، فأخبرتهن بجمال باطنه، وأرتهن جمال ظاهره.
فنبه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بقوله : " اللهُمَّ طَهِّرْني مِنْ خطَايَاي بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ ". على شدة حاجة البدن والقلب إلى ما يطهرهما ويبردهما ويقويهما ، وتضمن دعاؤه سؤال هذا وهذا ، والله تعالى أعلم .
وقريب من هذا : أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم : " كان إِذَا خَرَجَ مِنَ الخلاءِ قَالَ : غُفْرَانَكَ ".
وفى هذا من السر والله أعلم ، أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه ، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه ، فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب، فحمد الله عند خروجه على خلاصه من هذا المؤذي لبدنه ، وخفة البدن وراحته ، وسأل أن يخلصه من المؤذي الآخر ويريح قلبه منه ويخففه.
وأسرار كلماته وأدعيته صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فوق ما يخطر بالبال.
من كتاب :
إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان - الجزء الأول
التوقيع - خالد بن حطاب |
ضحكت .. فقالوا : ألا تحتشم =بكيت .. فقالوا : ألا تبتســـــمْ
بسمت .. فقالوا : يرائي بهــا =عبست .. فقالوا : بدا ما كتــمْ
صمت .. فقالوا : كَليلُ اللسان =نطقت .. فقالوا : كثير الكَــــلمْ
حلمت .. فقالوا : صنيع الجبان =ولو كان مقتدرا لأنتقــــــمْ
بسلت .. فقالوا : لطيش بـــــه =وما كان مجترئاً لو حــكمْ
يقولون : شذّ .. وإن قلــت : لا =وإمعةٍ حين وافقتهــــــــمْ
فأيقنت أني مهمـــــــا أرد =رضا الناس لابد من أن أذمْ
|
|
|
|