09-06-2010, 05:13 PM
|
رقم المشاركة : 1
|
|
قراءة في كتاب: لك القرار
بسم الله الرحمن الرحيم
قراءة في كتاب : لك القرار
تأليف : توفيق بن خلف بن عبدالله الرفاعي
تحذير: لِهَذِهِ المادَةِ قَانُونُ حِفْظ
يمنَعُ كُلَّ تَجَاوُزٍ بالنَّشْرِ دُونَ النَّسَبِ للمَصْدَرِ
في هذا الزمن الذي نرى فيه المسلمين أذلة في كل مكان.
في هذا الزمن الذي ينادي بحقوق المرأة، ومساواتها مع الرجل أكثر من أي وقت مضى.
في هذا الزمن الذي يشتد فيه الصراع ومحاربة الاسلام كدين والسعي نحو فصله عن الدولة.
في هذا الزمن الذي يُستهزئ بحبيبنا ونبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم.
يطالعنا الاستاذ توفيق الرفاعي بكتابه المميز "لك القرار" لينبه كل من ينوي محاربة الاسلام ان يفهم الاسلام قبل الخوض في صراع ضده وكل من ينظر الى الاسلام والقرآن بنظرة سوداوية الى ان يخلع تلك النظارة السوداء وان يزيل تلك الاوهام التي تراكمت بفعل فاعل بأذهان أفراد المجتمعات الغربية جميعا.
كل ذلك وأكثر بكثير بأسلوب مميز ولغة فائقة الجمال وحوار عقلاني رائع بأدلة تقول للعاقل هذا هو الصواب فإن " قررت اتباعه فافعل وان لم تقرر اتباعه فإنك حتما ستقرر إعادة قراءة هذا الكتاب لتقرر!"
لك القرار انت وحدك ..
يشكل كتاب الاستاذ توفيق بن خلف الرفاعي الذي يقع في 568 صفحة من القطع المتوسط ، إنتاجاً فريداً وإضافة مميزة للمكتبة الاسلامية ولكل الكتب التي ناقشت هذا الموضوع، فرغم قراءتي لعدة كتب ناقشت مسائلا يحتج فيها النصارى واليهود والملحدون ليشككوا في ديننا لكنهم كما يقول الاستاذ توفيق بن خلف:" كانت محاورات موجهة للمتخصصين في النصرانية من بابوات وقساوسة وأمثالهم علماً بأن هؤلاء معزولون في مجتمعاتهم ولا يمثلون إلا أقل القلة بالنسبة لأمة النصارى، أما عوام النصارى –وكل النصارى عوام في دينهم مهما كانت تخصصاتهم العلمية التقنية- فهؤلاء لم نوجه خطاباً لهم يفهمون فيه حقيقة دينهم ويفهمون ديننا"
جاء هذا الكتاب المتفرد في اسلوب طرحه ليخاطب العقل الانساني وينصبه قاضٍ يحكم في كثير من المسائل الشائكة بين اهل الكتاب والمسلمين ويناقش مواضيعا ذات حساسية كبيرة واتهامات وجهت دون تحكيم للعقل. منها قضية الحجاب في الاسلام والزواج الاسلامي وبالاخص موافقة ولي الامر، وقضية الارث في الاسلام، وتعدد الزوجات، عمل المرأة، تحريف الانجيل، القرآن هل هو معجزة؟ والاعجاز العلمي في القرآن.
الكتاب هو نقل لحوارات حقيقية جرت ما بين 2003-2008 بين المؤلف وعدد من علماء ومثقفي ومثقفات النصارى في فرنسا، في مجالس اربعة كما يحلو للمؤلف تسميتها، لكن الحكم الوحيد في بينهم في هذه الحوارات هو العقل، والذي اتفقوا جميعاً على ارتضائه حكماً قبل الخوض في النقاش بقول أبوحامد (المؤلف) قبل أن يتهم أحد الطرفان الآخر فـ " ما رأيكم لو اننا اخترنا حكما لا نختلف عليه نحن ولا أنتم أبداً، ونجعل هذ الحَكَم هو مرجعنا في جميع ما نتحاور به..؟! ما رأيكم لو احتكمنا إلى العقل والعقل قاسم مشترك بين جميع الناس فما وافقت عليه عقولنا المنصفة أعلنّا جميعاً أنه الحق، وما ناقضها أعلنا جميعا أنه باطل"
فتكون إجاباتهم بالموافقة السريعة وتعَجُّبُهم من كَوْن ابي حامد رجل دين ويحتكم إلى العقل بل ان ثقتهم بانتصارهم بالنقاش ازدادت اكثر لانهم زعموا ان الاسلام عندما حرّم شيئا ما. لا يكون هناك داع عقلي لذلك التحريم!
في المجلس الأول والذي أطلق عليه المؤلف: سهرة على نهر الصن
يناقش فيه ابوحامد مع عدد من مثقفات المجتمع الفرنسي وكوكبة من أكابر العلماء في مختلف التخصصات موضوع الحجاب، فيوجهون له ولزوجته –المنقبة- التهم وكيف أن الاسلام -بزعمهم- أحجم من حرية المرأة وقيدها بهذا اللباس الذي يغطيها عن العالم الخارجي وحرمها من التزين والانفتاح والحياة!
فيرد عليهم ابوحامد بأدلة عقلية واحصائيات لدراسات أجنبية معتمده عندهم ترجح رأيه الذي هو رأي الاسلام في حجاب المرأة وأن ترك هذا الحجاب لهو طريق التبرج الذي يفتح الابواب على مصراعيها امام الشهوة غير المشروعة والتي تدمر المجتمع وأخلاقه أيّما دمار. النقاش طويل وممتع أشد امتاع، ولعل ما اثار اعجابي هذا المثل الذي ضربته ام حامد (زوجة المؤلف) في رد لها على الدكتورة آن التي قالت: "ان القبلة بين الزوجة ورجل غير زوجها لا تعتبر خيانة للزوج – وهي مشروعة عندهم في الغرب بين الرجال والنساء ولو لم يكونوا ازواج- "
فترد أم حامد في معرض حديثها –كنظرة كل مسلمة في شأن تسترها- : "أنني عند نفسي كالوردة الفواحة في حديقة المنزل الخاص، وأن مركز هذه الوردة المزهر هو وجنتاي...
نعم: يستطيع المار أن يشم شذاها الفواح من بعيد أما أن يقترب فإن واجب صاحب المنزل أن يمنعه حتى من لمسها وإلا ذوت وردته، وربما أُعْجِبَ أحد المارة برائحتها فاقتطفها، فحينها لو خرج صاحب المنزل وأدركه وأخذ وردته فإنها لن تعود سليمة كما أخذت، حتى لو أعيدت إلى موضعها في شجرتها فإن الشجرة لن تقبلها!! إن حساسيتي بالشرف والغيرة أكبر من حساسية هذه الوردة..!"
فما أجمل هذا من مثل يختصر كل الاقوال في شأن هذه المسألة.
وفي موضع آخر تناقش فيه الجنرالة فكتوريا أبا حامد بشأن عمل المرأة في الاسلام بعد ما ابطل بالادلة والاحصائيات زعم الغربيين بمساواة المرأة مع الرجل في الوظيفة والعمل فتقول: "هل المقصود من هذا التعقيد أن تترك المرأة الموظفة الوظائف كي يأسرها الزوج بالإنفاق عليها في بيته..."
فيرد عليها في معرض كلامه –بعد بيان ادلة القرآن والسنة على جواز عمل المرأة- بدليل عقلي قوي جدا يقول :" أما بالنسبة لوظيفة المرأة وعملها فأحسبك قد فهمت أن الاسلام لا يحرم عليها العمل المناسب لها، بل يجعله أحياناً واجباً عليها، لكن الفارق ما بين الاسلام وبينكم في الأولويات، فأنتم تجعلون الأولوية المطلقة للوظيفة، والاسلام يجعل الاولوية للبيت، ومن أسباب جعلكم الأولوية للوظيفة هو الخوف على المرأة من الحاجة والضياع بعد ذلك.
فلننظر بعقولنا وواقعنا: أي الأولويتين ينبغي تقديمها للمرأة البيت أم الوظيفة؟
دعيني من الحكم وسلي طفلك الصغير أي الحجرين يريد؟!
يريد حجرك في الصباح وفي المساء أم يريد حجر الخادمة، والمربية!
فإن كان يريد حجرك ثم تتركينه فهذه مصيبة، وان كان أصبح يريد حجر المربية عنك فهذه مصيبة أكبر!
أَجْلسي الخادمة بجوارك ودعيه يحبو إليكما ليختار إحداكن، وسترين أنه لن يختار غيرك، فكيف تتركينه وأنت اختياره الوحيد؟ خيّريه وقولي له: أي الثديين تريد؟ ثدي أمك أم ثدي المرضعة الاصطناعية؟ إنك تتوهمين حين تظنين أنه لا يفهم ولا يشعر لأنه لا يتكلم؟ إنه كتلة من المشاعر!
سلي الاخوة الاطباء الحضور وقولي لهم: كم يخسر طفلك وتخسرين بإبداله الحليب الاصطناعي بدل حليبك؟ كم يخسر هو من مناعته، وصحته، ونموه، حين تنقص تغذيته من حليبك؟!
كم يتكفل التأمين الصحي من أموال بسبب نقص مناعته جراء التفريط في تغذيته من صدرك؟ وكم يحرم من العاطفة بإبعاده عن حجرك؟ وهل تعوض الوظيفة هذا الضعف البدني والنفسي الذي ينشأ عليه الطفل؟ فهل من ضياع أكبر من ضياع الصغار؟
حُقَّ لولد لم يرضع من ثدي أمه، ولم يَتَرَبَّ في حجر أمه، أن لا يكون وفياً لذلك الثدي وذلك الحجر، ومن لم يكن وفياً لأمه أَفَتراهُ سيكون وفياً لغير أمه من الأقربين فضلاً عن مجتمعه! وحُقَّ لأم تركت وليدها في حجر غيرها أن تصدم بعقوقه إذا كبر!
هذا اذا كانت الخادمة أو المربية صالحة، أما إذا كانت غير صالحة فلكم أن ترجعوا لإحصائيات خاصة في العذاب الذي يلاقيه الطفل بغياب امه على يدي خادمته، والذي يؤدي أحياناً كثيرة إلى القتل بأبشع طريقة!"
والحديث يطول بضرب أكثر من دليل عقلي ، ثم إن الحوار يجر حواراً ففي هذا المجلس أيضاً نوقشت مسألة الإرث في الاسلام فتلقي احداهن تهمة بأن "الذي فعله الإسلام من إعطاء المرأة نصف حق الرجل – وتقصد الآية الكريمة: (للذكر مثل حظ الأنثيين)- كان تنظيماً لظلم المرأة، إذ كان ظلم المرأة في تلك المجتمعات فوضى،
نعم.. لو أن الاسلام رفعها إلى مماثلة الرجل في الإرث لقلنا أن هذا هو العدل المطلق، أما تحديد الارث بالنصف من إرث الرجل فهذا يساوي أن للمرأة نصف قدر الرجل، ونصف قيمته، وأي تميز أكبر من هذا؟"
فيرد عليها أبوحامد بعد سوقه لأكثر من دليل وقصة تحكي بطلان قولها وبأن الرجل في الاسلام هو الملزم بالصرف على المرأة من ماله من الارث وحتى لو انتهى ماله الموروث فيلزمه أن ينفق من ماله الخاص عليها فيقول في معرض كلامه: "أيتها الاستاذة لو كان عندك سائقين في شركتك أحدهما مشاويره اليومية للشركة مئة كيلو متر ونظام شركتك يلزمك بتوفير وقود السيارة لهما والآخر مئتي كيلو متر فهل يجوز لك بحجة المساواة أن تصرف لكل واحد منهما تكاليف الوقود بشكل متساوٍ، أم أن العدل هو أن تجعل لكل واحد من المصروف حسب مشاويره وأتعابه؟"
وفي موضع ومجلس آخر يُنَاقَشْ مسألة تحريف الانجيل وان النصارى يرون انه غير محرف وان التحريف أساسا هي تهمة يلفقها المسلمون عليهم وعلى كتابهم فيسألون أليس الله بقادر على حفظ الانجيل كما حفظ القرآن؟
فيرد أبوحامد بدليل عقلي مفحم:" أرأيت لو أن رجلاً ألّف كتاباً، فأخذه منه مجموعة من طلابه، ثم غيروا وبدلوا وحذفوا وزادوا، وضادوا الأستاذ فيما قال، وافتروا عليه ونسبوه إليه.. فماذا ترى سيصنع الاستاذ؟ والجواب أنه سوف يتبرأ من هذا الكتاب، ويظهر بطلان ما أضافوه.
... ثم إنه هل توجد آية واحدة يتكفل الله فيها بحفظ الانجيل أو يتحدى بحفظه؟
والجواب قطعا لا.. فالنتيجة الطبيعية أن يضيع هذا الكتاب ويتغير لعدم وجود هذه الكفالة."
وفي المجلس الرابع الذي دخله كل نصراني بأمل ان تتساقط الثقة في القرآن كما تساقطت أوراق الانجيل في المجلس الثالث، فيوضع القرآن الكريم على المنصة لتتجه له الاتهامات بأنه غير معجز، وأنه ليس كلام الله، بل ان تعدد القراءات اكبر دليل على انه محرف، وأنه يحوي كثيرا من التناقض ولكن أبوحامد في كل مرة يرد على الاتهام بأدلة عقلية مقنعة. ثم يتكلم عن الاعجاز العلمي العظيم في هذا القرآن والاكتشافات الحديثة التي تثبته وان الاعجاز الاعظم هو أننا ما زلنا نمر الآن على آيات الاعجاز التي لم تكتشف بعد ونقرؤها ليلا ونهارا، لكننا لا ندركها على حقيقتها، برغم اننا نفهم الآيات فهما مستقيما!
وينهي المؤلف كتابه بذكر خصائص الراحة عند قراءة القرآن عن غيره ويحصرها في عشر مزايا، منها مزية القوة في الخطاب يقول فيها المؤلف: "لقد قرأ أحد العلماء الكبار أول آية من سورة البقرة فأعلن دخوله الإسلام مباشرة تلك الآية: [ الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه ] وحين سئل عن سبب دخوله الاسلام، فقال متعجباً: (هذه أول مرة في حياتي أقرأ فيها كتاباً من الكتب وأرى أن كاتبه يتحدى منذ أول كلماته أن يجد أحد فيه أي خطأ، علماً بأن العادة أن يعتذر كل المؤلفين للقراء عن وجود أخطاء في كتبهم!"
هذا ولا سيما ان الكتاب يعتبر مرجعا مهما للداعي المسلم، حيث وثق المؤلف ادلته العقلية بأدلة نقلية من الكتاب والسنة وحرص على ان تكون جميع الاحاديث الواردة في الكتاب، أحاديثا صحيحة وأرجعها إلى رواتها ومصادرها. كما وثق أقواله العقلية بدراسات واحصائيات معتمدة ومعاصرة من مواقع مختلفة كالبي بي سي والسي ان ان وهي موثقة وكاملة، فضلا على ان الكتاب من الكتب الصادرة حديثاً فهذه طبعته الاولى لعام 2009.
ملاحظتي الوحيدة على الكتاب هي في الصفحة 271 حين قال الاستاذ فيفا: "بودي لو قرأت لكم بعض الجمل من هذه المفكرة التي أهداها البابا بولس السادس لي" ثم يبدأ التعليق على هذه الجمل والبناء على بطلانها وذكر ادلة وتناقضات فيها دون عرضها على القارئ لكي يتبين ان هذا التعليق صحيح ام لا.
لا اريد ان احرق عليكم قراءة هذا الكتاب ولكنه فعلا يستحق القراءة فالمتعة عظيمة، ولقد انهيت قراءته في يومين وها انا ذا في اليوم الثالث أكتب قراءة عنه. فكم تمنيت وانا اقرأ ما يحدث في تلك المجالس أن اكون أحد حضورها، وكم تمنيت ان تتحول النسخة العربية التي بين يديّ إلى نسخة باللغة الانجليزية لأهديها لمن حولي من اهل الكتاب، وكم اتمنى ان اقابل هذا العقل المميز الاستاذ توفيق بن خلف بن عبدالله الرفاعي.
فجزاه الله عنا كل خير وأفاد به وبعلمه الامة الاسلامية جمعاء.
أخوكم: خالد بن حمد
السبت 22-5-2010
التوقيع - خالد بن حمد |
أجيك شامخ وشوقي تفضحـه عينـي
واصوم عنّك ودمعي يجرح صيامـي
و يعـني لـو تفارقنا !
تظـن إنّ " القدر " قـادر ينسينا ؟!
أو أتغـير ولا ’ أحبـك ، !
و ؛؛ لـو نفـرض تفـارقنا
× فـراق × أجسـاد !
تظـل :: قلـوبنا :: دايـم تـذكرنا
][ بـ . . حكـاوينا // وأغـانينا // وأمـانينا ][
وندعي ربنا دايم بكل الخير
يجمعنا ويسعدنا ‘ آمين ..
http://www.flickr.com/photos/56424975@N06 |
|
|
|