قبل بضعة ايام مررت في ذلك الشارع الذي يقع في منطقة حولي , كان مليئا بالمكتبات واليوم يعج بالمجمعات الفارهه , وقفت اتامل ذلك المجمع الذي كان في مكانه تلك البنايه المتواضعه التي بها اربع مكتبات , ثم اغمضت عيني , كانها الاطلال التي ابكت الشعراء , اه كم هو مؤلم الوقوف على الاطلال .
عادت بي الذكرى الى ذلك الشتاء , شتاء عام 1992 , تلك الايام الخوالي , يالها من ذكريات ندية لا ازال اتنفس عطرها ، عندما كنت شعلة من النشاط قبل ان يصيبني الخمول الذي اعيشه الآن , دخلت احدى تلك المكتبات فوقع نظري على ( ديوان ابو القاسم الشابي ) فاشتريته فورا , وعلمت بعد مرور تلك السنين ان شعر ابو القاسم الشابي هو الذي وجدت فيه روحي , لقد رافقني شعره في حلي وترحالي , في بورصا - المدينة التركية الخلابه - كنت اتصفحه .
في خضم تلك الذكرى , سمعت صوتا يقول : ابي , لماذا تطيل النظر الى ذلك المجمع ؟ انه صوت ولدي الذي كان بصحبتي , نظرت اليه ولكنني لم اره جيدا , كان بيني وبينه ضباب كثيف , لقد اغرورقت عيني بالدموع .
انتهت رواية الذكرى ولكن لن تنتهى تلك الاطياف التي تحتويني بدفئها، كيف انسى وقلبي لم يزل يسكن جنبي؟ كيف يختفي ذلك الشعاع من عيون العاشقين للذكريات الساحره ؟ أنني احد هؤلاء العاشقين الذين ضجروا من الام الذكرى .