فكرة النقد فكرة قديمة هي تنقل الانسان من عالم الاحلام الى الواقعية التي تفرض عليه مراعاة كل الاقوال والافعال
والكتابة هي احدى طرق المعرفة قال تعالى :
اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ
وَمَا آتَيْنَاهُم مِّن كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِن نَّذِيرٍ
وَلَكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ
أَمْ لَكُمْ كِتَابٌ فِيهِ تَدْرُسُونَ
قال الجاحظ : ولولا الكتبُ المدوَّنَة والأخبار المخلَّدة والحكم المخطوطة التي تُحصِّنُ الحسابَ وغيرَ الحساب لبَطَل أكثر العلم ولغلَب سُلطانُ النِّسيانِ سلطانَ الذكْر ولَمَا كان للناس مفزعٌ إلى موضعِ استذكار ولو تمَّ ذلك لحُرِمْنا أكثرَ النفع
وقال عن فضل القلم : فلذلك وضع اللّه عزّ وجلّ القلم في المكان الرفيع ونوَّه بذِكره في المنْصِب الشريف حين قال ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ فأقسَمَ بالقَلَم كما أقسمَ بما يُخَطُّ بالقلم إذ كان اللسانُ لا يتعاطى شأوَه ولا يشُقُّ غبارَه ولا يجري في حلبته ولا يتكلف بُعْدَ غايتِه
وقال ايضا : فالإنسان لا يعلمُ حتى يكثُرَ سماعُه ولا بُدَّ من أن تكون كتبُه أكثرَ من سَمَاعِه
فاذا عرفنا ذلك وجب على الانسان ان يعرف مواضع الخلل في كتاباته حتى يرتقي فيها ومن كان معجبا بكتاباته ويقبل الكلمة المشهورة والماركة المسجلة (( يسرنا مدحكم ونعتذر عن عدم قبول النقد ))
العلم الذي يدخل الى الراس يحتاج الى تمحيص وتدليل وتوفيق حتى يصل المرء الى الصواب ويعرف جوانب الخطأ
وهذه فروض على الانسان
كما قال الجاحظ :
وبعد هذا فاعرف مواضع الشّكّ وحالاتها الموجبة له لتعرف بها مواضع اليقين والحالات الموجبة له وتعلم الشَّكّ في المشكوك فيه تعلُّماً فلو لم يكن في ذلك إلاّ تعرُّف التوقُّف ثمَّ التثبُّت لقد كان ذلك ممَّا يحتاج إليه . ثمّ اعلم أنّ الشكّ في طبقاتٍ عند جميعهم ولم يُجْمعوا على أن اليقين طبقاتٌ في القوَّة والضعف .
وجود الانسان الذي يقوم اخطاءنا ويهذب اسلوبنا وينصر مفهومنا من متع الدنيا الباقية
كما قالوا : ا مذاكرة الرجال تلقيح لألبابها
واليك بعض الامثلة :
قال سعيد بن جبير : « قال كان يقول} ابن عباس{: يا سعيد اخرج بنا إلى النخل ويقول : يا سعيد حدث قلت : أحدث وأنت شاهد ؟ قال : إن أخطأت فتحت عليك »
ابن عباس ترجمان القرآن وصاحب الدعوة المباركة (( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل )) من قال عنه ابن مسعود ((لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد)) يتواضع تواضعا كبيرا ويستمع لتلميذه سعيد بن جبير حتى نقل عنه ((كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِذَا أَتَاهُ أَهْلُ الكُوْفَةِ يَسْتَفْتُوْنَهُ، يَقُوْلُ: أَلَيْسَ فِيْكُمُ ابْنُ أُمِّ الدَّهْمَاءِ؟))
والذي قال ميمون بن مهران عنه ((لَقَدْ مَاتَ سَعِيْدُ بنُ جُبَيْرٍ، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ أَحَدٌ إِلاَّ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى عِلْمِهِ.))
اكثر من القراءة ولا تقل لا احتاج اليها فقد قال بعض العلماء : واعلم أن بعض الناس يفتخر ويقول كتبت هذا وما طالعت شيئا من الكتب ويظن أنه فخر ولا يعلم أن ذلك غاية النقص فإنه لا يعلم مزية ما قاله على ما قيل ولا مزية ما قيل على ما قاله فبماذا يفتخر
ومراجعة العالم في شئوننا الثقافية والمعرفية تولد ما قال ابن القيم
قال ابن القيم : وقال لي شيخ الاسلام رضى الله عنه وقد جعلت اورد عليه يرادا بعد إيراد لا تجعل قلبك للايرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح الا بها ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته وإلا فاذا اشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات او كما قال فما اعلم اني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك
ما هي نتيجة قبول النقد ؟
قَالَ عَبْدُ الغَنِيِّ:لمَا رددتُ عَلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ الحَاكِم(الأَوهَامَ الَّتِي فِي المدخلِ)بَعثَ إِليَّ يَشْكُرُنِي، وَيَدْعُو لِي، فَعَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ عَاقِلٌ