بسم الله الرحمن الرحيم
الثقافة مفهوم يصعب وصفة ولم يتمكن أحد بالتحديد بالضبط ما تعنية هذه الكلمة البسيطة
للثقافة أبعاد كثيرة ونطاق واسع وجوانب عدة يمكن الأخذ بها من حيث تحديد المعنى والتطبيق
لكن .... تبقى الأمور جليه بين مصطلح وأخر وبين مفهوم وأخر والخلط بينهم بلا شك يحدد
جهل الشخص بتلك الأمور
وقلة وعيه بأهم المفاهيم التي تحدد مصير الأمم والحضارات في جميع الأزمنة
أكتب هذا الموضوع لما أراه من خلط ساذج (من الكثير وللأسف) بين أحداث لا تمت للثقافة بأي صلة
على سبيل المثال ... يضرب الناس علو المباني بأنها تعكس ثقافة الشعب ودولة قطر الشقيقة هي أحدث تلك الأمثلة
ويأخذ الكثير بأن سباق البنيان لأعلى قمة وأحدث المخططات المعمارية تنبثق من ثقافة الشعب ككل
ولم ينتبهوا إلى أن الطرقات والمباني والعمارات الغريبة تسمى بالحضارة المدنية
ولا علاقة لها بالثقافة ..... فالثقافة مرتبطة بنمو الفكر والتأمل والإحاطة بشتى مجالات البشر والوعي والإدراك بمفاهيم الحياة
نحن نعلم بأن كلمة "الثقافة" هي كلمة حديثة المنشئ وهي غربية فالأصل فلم تذكر لا فالقرآن الكريم ولا في حضارة المسلمين ولا حتى في عصر الجاهلية
لكن كُونَ لهذه الكلمة الأن تطبيق ومفهوم واضح المعالم فلننظر لما قالة المفكر والآديب كوينسي رايت:
(الثقافة هي النمو التراكمي للتقنيات والعادات والمعتقدات لشعب من الشعوب، يعيش في حالة الاتصال المستمر بين أفراده، وينتقل هذا النمو التراكمي إلى الجيل الناشئ عن طريق الآباء وعبر العمليات التربوية)
ومن منظور عربي يقول الدكتور عبد الكريم عثمان:
(الثقافة في اللغة العربية تعني الحذق والفهم، والتثقيف بمعنى التشذيب والتهذيب والتقويم والحذق والفطانة، وقد عرفت المعاجم الحديثة للغة العربية هذه الكلمة بأنها العلوم والمعارف والفنون التي يطلب فيها الحذق)
طبعاً التعريفات كثيرة ولا يسعنى وضعها جميعاً .... لكن بهذه النظرة السريعة قد تبين لنا أن لا علاقة للحضارة المدنية بالثقافة البتة
بل الأمور السطحية والملموسة بالحياة بشكل عام لا تشترط وجود الثقافة كمرادف لها وإنما تعكس إقدام الشعوب على التطوير الذاتي ومواكبة التطورات العلمية والعمرانية
وأختتم بهذه القصة والتي لا تحضرني كاملةً:
(قد شيد أحد الخلفاء العباسيين قصراً بأمهر المهندسيين وبأفضل الأدوات الإنشائية والمعمارية ... فبعد أن بنى هذا القصر والذي كان يفترض أن يكون رمزاً معمارياً على مر العصور
إلى أن أتاه أحد الحكماء والمشائخ آنذاك ... وقال له أن المنزل سيهجر بعد موت أهله
وأن القصر سيتلاشى مع مرور الوقت وأنهُ لن يغنيك يوم الحساب
فأمر بجعل هذا القصر مركزاً لتعليم القرآن وتدريس فرائض الشريعة وتعاليمها)
اذاً ..... كانت نظرة الشيخ حكيمة وصائبة إذ أن البناء الهندسي لن يعكس ثقافة الإسلام ولا ثقافة الشعب بل ستكون تحفة معماري ذات صلة بالحضارة المدنية
تحياتي وتقديري للجميع ،،،،
دمتم بحفظ الله ورعايته ،،،،