الدعاة إلى الله حقا وصدقا
لن يضرهم إن كان أتباعهم قلة أو كثرة فإنّ الكثرة لا تغرّهم خاصة أن الكثرة وردت في القرآن كثيرا على سبيل الذم
كقوله تعالى :
{ بَل أَكثَرُهُم لاَ يُؤمِنُونَ }
_ { وما أَكثَرُ النَّاسِ ولَو حَرَصتَ بِمُؤمِنِينَ }
_ { ولَـكِنَّ أَكثَرَهُم لاَ يَعلَمُونَ }
_ { ولَـكِنَّ أَكثَرَهُم يَجهَلُونَ }
_ { ولاَ تَجِدُ أَكثَرَهُم شَاكِرِينَ }
_ { ولَـكِنَّ أَكثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤمِنُونَ }
_ { فَأَبَى أكثَرُ النَّاسِ إلاَّ كُفُوراً }
فالكثرَةُ ليست ميزاناً يُستدلُ بها
على الحق .
وفي مقابل ذلك وردت آيات فيها بيان حال الفئة القليلة
قال تعالى :
{ وقَليلٌ مِّن عِبادي الشَّكُورُ }
_ { وما آمَنَ مَعَهُ إِلاَّ قَلِيلٌ }
_ { وقَلِيلٌ مِّنَ الآخِرِينَ }
_ { إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
وقليل ما هم }
_ { لأصحاب اليَمينِ ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلِينَ
وثُلَّةٌ مِّنَ الآخِرِينَ }
_ { مَّا فَعَلُوهُ إلاَّ قَلِيلٌ مِّنهُم ولَو أَنَّهُم فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيراً لَّهُم وأَشَدَّ تَثبِيتاً } .
وقد ثبت في الحديث الصحيح الذي أخرجه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ... فرأيتُ النبي ومعه الرهط ، والنبي ومعه الرجل والرجلان ، والنبي وليس معه أحد ) .
وروى مسلم في صحيحه عن
أبي هريرة رضي الله عنه،
عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ( إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء ) .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( طوبى للغرباء ) ،
قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟
قال : ( ناس صالحون قليل في ناس سوء كثير، ومن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم ) .
_ سلسلة الأحاديث الصحيحة
" رقم 1619 "
قال ابن القيم رحمه الله :
« فهؤلاء هم الغرباء الممدوحون المغبوطون،
ولقلّتهم في الناس جداً سُمُّوا غرباء،
فإن أكثر الناس على غير هذه الصفات .
فأهل الإسلام في الناس غرباء،
والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء،
وأهل العلم في المؤمنين غرباء،
وأهل السنة
- الذين يميزونها من الأهواء والبدع -
منهم غرباء،
والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين هم أشد هؤلاء غربة .
ولكن هؤلاء هم أهل الله حقاً،
فلا غربة عليهم،
وإنما غربتهم بين الأكثرين » .
وقال أيضاً :
« فإذا أراد المؤمن الذي رزقه الله بصيرة في دينه،
وفقهاً في سنة رسوله،
وفهماً في كتابه وأراه
ما الناس فيه :
من الأهواء والبدع والضلالات،
وتنكبهم عن الصراط المستقيم الذي كان عليه رسول الله وأصحابه .
فإذا أراد أن يسلك هذا الصراط فليوطن نفسه على قدح الجهال وأهل البدع فيه وطعنهم عليه وازدرائهم به، وتنفير الناس عنه، وتحذيرهم منه كما كان سلفهم من الكفار يفعلونه مع متبوعه وإمامه صلى الله عليه وسلم، فأما إن دعاهم إلى ذلك،
وقدح فيما هم عليه :
فهناك تقوم قيامتهم ويبغون
له الغوائل وينصبون له الحبائل .
فهو غريب في دينه لفساد أديانهم،
غريب في تمسكه بالسنة لتمسكهم بالبدع،
غريب في اعتقاده لفساد عقائدهم،
غريب في صلاته لسوء صلاتهم، غريب في طريقه لضلال وفساد طرقهم » .
_ مدراج السالكين
( 3 / 194-201 ) .
الغرباء
للعلاّمة الألباني رحمه الله
http://youtu.be/K4bm1c3kce4
طوبى للغرباء
للعلاّمة ابن باز رحمه الله
http://youtu.be/mkWk-cFeHn4
طوبى للغرباء
للعلاّمة صالح الفوزان حفظه الله
http://youtu.be/VABxldohe2o
قال الفضيل بن عياض رحمه الله:
« إتبع طرق الهدى ولا يضرك قلة السالكين،
وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين »
_ الاعتصام للشاطبي .
وقال الحسن البصري رحمه الله :
« يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقل الناس » .
_ رواه اللالكائي .
إذاً فالعبرة كل العبرة هي بموافقة الحق والحق وحده
ولن يخذلهم قولُ طاعنٍ مهما طعن
وخذّل عنا .
فقد ثبت في الحديث :
( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين
على الحق لا يضرهم من خذلهم،
ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله
وهم على ذلك )
_ رواه البخاري في صحيحه .
التصفية والتربية وحاجة المسلمين إليهما للرجوع إلى مجدهم
http://www.alawazm.com/vb/showthread.php?t=241824
قال تعالى : { فاصْبِرْ إنَّ وعْدَ الله حَقٌّ فإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذي نَعِدُهُمْ أو نَتَوَفَّيَنَّكَ فإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }
سورة غافر 77
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي { فَاصْبِرْ } يا أيها الرسول،
على دعوة قومك،
وما ينالك منهم، من أذى،
واستعن على صبرك بإيمانك
{ إنَّ وعْدَ اللهِ حَقٌّ } سينصر دينه، ويُعْلِي كلمته،
وينصر رسله في الدنيا والآخرة، واستعن على ذلك أيضًا، بتوقع العقوبة بأعدائك في الدنيا
والآخرة، ولهذا قال :
{ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ }
في الدنيا فذاك
{ أو نَتَوَفَّيَنَّكَ } قبل عقوبتهم
{ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ }
فنجازيهم بأعمالهم . اهـ
وقال تعالى :
{ يا أيُّها الَّذينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كافّةً ولَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطانِ إنَّهُ لكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ (208) } سورة البقرة
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله في تفسيره :
أي : في جميع شرائع الدين,
ولا يتركوا منها شيئا,
وأن لا يكونوا ممن اتخذ إلهه هواه, إن وافق الأمر المشروع هواه فعله, وإن خالفه, تركه،
بل الواجب أن يكون الهوى,
تبعا للدين,
وأن يفعل كل ما يقدر عليه,
من أفعال الخير, وما يعجز عنه, يلتزمه وينويه, فيدركه بنيته . اهـ
كثيرا ما كان العلاّمة الألباني
رحمه الله يتمثل بهذين البيتين
لامرؤ القيس :
بَكى صاحِبي لـمّا رأى الدّربَ دُونه
_______ وأيْقَنَ أنّا لاحقانِ بقيصرا
فقلتُ له : لا تَبْكِ عينُك إنّما
_______ نُحاول مُلكاً أو نموت فنعذرا
وكان رحمه الله يقول :
" طريق الله طويل ونحن نمضي فيه كالسلحفاة وليست الغاية أن نصل لنهاية الطريق ولكن الغاية أن نموت ونحن على الطريق " .
والله تعالى أعلم .