المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : (( إياكم والظن فإن الظن اكذب الحديث ))


خالد بن حطاب
16-01-2009, 05:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على خير البشر أجمعين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
وعلى صحابته أجمعين

إخواني الكرام


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال الله سبحانه تعالى :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ }[الحجرات: 12 ] .

روى الترمذي عن سفيان: الظن الذي يأثم به ما تكلم به، فإن لم يتكلم لم يأثم .
وذكر ابن الجوزي قول سفيان هذا عن المفسرين ثم قال: وذهب بعضهم إلى أنه يأثم بنفس الظن ولو لم ينطق به .
وحكى القرطبي عن أكثر العلماء: أن الظن القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظن القبيح بمن ظاهره القبيح .

وقال الله سبحانه وتعالى :
" وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتبِعُونَ إِلا الظن وَإِن الظن لَا يُغْنِي مِنَ الْحَق شَيْئا "
(النجم 28)


وعن الرسول صلى الله عليه وسلم :
" إياكم والظنّ؛ فإن الظن أكذبُ الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا ".
[ وأخرجه البخاري ومسلم ، الترمذي 2072 ]

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( حسن الظن من حسن العبادة ))
[ رواه الحاكم وأبو داود وأحمد في مسنده ]


قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
" لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا ، وأنت تجد لها في الخير محملا ً".

قال ابن سيرين رحمه الله :
" إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرا، فإن لم تجد فقل: لعل له عذرا لا أعرفه ".


[line]

ان موضوعي هذا يتناول سوء الظن وما قد يسببه من شحناء وبغضاء
وقد قسَّم بعضهم سوء الظن إلى قسمين كلاهما من الكبائر وهما:
1- سوء الظن بالله : وهو أعظم إثمًا وجرمًا من كثير من الجرائم؛ لتجويزه على الله تعالى أشياء لا تليق بجوده سبحانه وكرمه.
2- سوء الظن بالمسلمين : وهو أيضًا من الكبائر، فمن حكم على غيره بشر بمجرد الظن حمله الشيطان على احتقاره وعدم القيام بحقوقه وإطالة اللسان في عرضه والتجسس عليه، وكلها مهلكات منهيٌ عنها.

وقد قال بعض العلماء : وكل من رأيته سيئ الظن بالناس طالبًا لإظهار معايبهم فاعلم أن ذلك لخبث باطنه، وسوء طويته؛ فإن المؤمن يطلب المعاذير لسلامة باطنه، والمنافق يطلب العيوب لخبث باطنه.
فإياك أخي والظن، وادع ربك أن يصرف عنك خواطر السوء ، وإن لم تستطع أن تدفع عن نفسك فلا أقل من السكوت وعدم الكلام بما ظننت لعلك تسلم .
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلاَّ فإني لا إخالك ناجيًا.

إن إحسان الظن بالناس يحتاج إلى كثير من مجاهدة النفس لحملها على ذلك
خاصة وأن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ولا يكاد يفتر عن التفريق بين المؤمنين والتحريش بينهم .
وأعظم أسباب قطع الطريق على الشيطان هو إحسان الظن بالمسلمين .


من المبادئ الأخلاقية المهمة في التعامل بين المسلمين عامة : إحسان الظن بالآخرين، وخلع المنظار الأسود، عند النظر إلى أعمالهم ومواقفهم فلا ينبغي أن يكون سلوك المؤمن واتجاهه قائما على تزكية نفسه، واتهام غيره..

وإن من أعظم شعب الإيمان حسن الظن بالله، وحسن الظن بالناس، وفي مقابلهما: سوء الظن بالله، وسوء الظن بعباد الله.

إن سوء الظن من خصال الشر التي حذر منها القرآن والسنة، فالأصل حمل المسلم على الصلاح، وأن لا تظن به إلا خيرا، وأن تحمل ما يصدر منه على أحسن الوجوه، وإن بدا ضعفها، تغليبا لجانب الخير على جانب الشر.


وقد فسر بعض المفسرين هذه الايه :
( يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن، إن بعض الظن إثم ) (سورة الحجرات : 12 ) والمراد به: ظن السوء الذي لم يقم عليه دليل حاسم


والمفروض في المسلم إذا سمع شرًا عن أخيه أن يطرد عن نفسه تصور أي سوء عنه، وأن لا يظن به إلا خيرا، كما قال الله سبحانه تعالى في سياق حديث الإفك : ( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا، وقالوا: هذا إفك مبين ) (سورة النور : 12 ).

صحيح إن سوء الظن من الأشياء التي لا يكاد يسلم منها أحد، كما روي ذلك في حديث ضعيف، ولكن يقويه ما ثبت في الصحيح، قول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه الذين رأوه في الاعتكاف يكلم امرأة في المسجد، فأسرعا الخطا، فقال: "على رسلكما إنها صفية بنت حيي (زوجته)" فقالا: وهل نظن بك إلا خيرًا يا رسول الله؟ قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًا".

ومع هذا ينبغي للمؤمن أن لا يستسلم لوسوسة الشيطان في إساءة الظن بالمسلمين، بل عليه أن يلتمس لهم المعاذير والمخارج فيما يراهم أخطأوا فيه، بدل أن يتطلب لهم العثرات والعيوب.

فإن من أبغض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبعدهم منه مجالس يوم القيامة الباغين للبرآء العثرات.

فإذا كان العمل الصادر عن المسلم يحتمل وجها يكون فيه خيرًا، وعشرين وجهًا لا يكون فيها إلا شرًا، فينبغي حمل هذا العمل على وجه الخير الممكن والمحتمل.

وإذا لم يجد وجهًا واحدًا للخير يحمله عليه ـ فيجمل به أن يتريث، ولا يستعجل في الاتهام، فقد يبدو له شيء عن قريب، وما أصدق ما قاله الشاعر هنا:

تأنّ ولا تعجل بلومك صاحبًا
........ لعل له عذرًا وأنت تلوم!

وقد حذر الله الرسل ـ مع مالهم من مقام عنده ـ من اتباع الأهواء فقال تعالى لداود: ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله ) (سورة ص : 26 ).

وقال لخاتم رسله محمد صلى الله عليه وسلم ( ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها، ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون ) (سورة الجاثية : 18 ).

وفي موضع اخر : ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) (سورة المائدة : 49 ) .

إن الإخلاص لله يجمع ويوحد، أما اتباع الهوى فهو يفرق ويمزق، لأن الحق واحد، والأهواء بعدد رؤوس الناس.

وإن أكثر ما فرق الأمة الإسلامية إلى فرق وطوائف شتى في القديم والحديث هو اتباع هوى النفس أو أهواء الغير، ولهذا أطلق (أهل السنة) على الفرق التي حادت عن ( الصراط المستقيم ) هذا العنوان المعبر ( أهل الأهواء ) فكثيرًا ما كان الخلاف غير جذري، أو غير حقيقي، ولكن الذي ضخمه وخلده هو الهوى، نسأل الله السلامة.

[line]

الموضوع عباره عن دمج لعدة مواضيع منقوله
مع التصرف بها من حذف واضافه وتقديم وتأخير


لكم التحيه
أخوكم