الصواب هو قول : إخوان القردة والخنازير لا أحفاد القردة والخنازير ..
قال الله عز وجل : { ولَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) } سورة البقرة
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره :
قوله تعالى : { ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت }
« علمتم » معناه عرفتم أعيانهم .
وقيل : علمتم أحكامهم .
والفرق بينهما أن المعرفة متوجهة إلى ذات المسمّى .
والعلم متوجّه إلى أحوال المسمّى .
فإذا قلت : عرفت زيداً ، فالمراد شخصه .
وإذا قلت : علمت زيداً ، فالمراد به العلم بأحواله من فضل ونقص .
فعلى الأول يتعدّى الفعل إلى مفعول واحد ، وهو قول سيبويه : { عَلِمْتُم }
بمعنى عرفتم .
وعلى الثاني إلى مفعولين .
وحكى الأخفش ولقد علمت زيدا ولم أكن أعلمه . وفي التنزيل : { لا تعلمونهم الله يعلمهم } سورة الأنفال 60
كل هذا بمعنى المعرفة ، فاعلم .
{ الذين اعتدوا منكم في السّبت }
صلة « الذين » .
والاعتداء . التجاوز ، وقد تقدّم ...
_ إلى أن قال رحمه الله :
{ في السّبت } معناه في يوم السبت ، ويحتمل أن يريد في حكم السبت .
والأول قول الحسن ، وأنهم أخذوا فيه الحيتان على جهة الاستحلال .
وروى أشهب عن مالك قال : زعم ابن رومان
[ هو الإمام العالم يزيد بن رومان مولى
آل الزبير ثقة في عداد التابعين
توفي سنة 130 هـ ] .
أنهم كانوا يأخذ الرجل منهم خَيْطاً ويضع فيه وَهْقَة
[ الوهق : بتحريك الهاء وتسكن : الحبل
في طرفيه عقدة تطرح في عنق الدابة
حتى تؤخذ ] .
وألقاها في ذَنَب الحوت ،
وفي الطرف الآخر الخيط وَتِد وتركه كذلك إلى الأحد ، ثم تطرّق الناس حين رأوا مَن صَنَع لا يُبْتلَى ، حتى كثر صيد الحوت ومُشِيَ به في الأسواق ،
وأعلن الفَسَقة بصيده .
فقامت فرقة فنهت وجاهرت بالنّهي
واعتزلت .
ويقال : إن الناهين قالوا : لا نساكنكم ، فقسموا القرية بجدار .
فأصبح الناهون ذات يوم في مجالسهم
ولم يخرج من المعتدين أحد ،
فقالوا : إن للناس لشأنا ،
فَعَلوْا على الجدار فنظروا فإذا هم قِردة ، ففتحوا الباب ودخلوا عليهم ،
فعرفت القردة أنسابها من الإنس ،
ولا يعرف الإنس أنسابهم من القِردة ، فجعلت القردة تأتي نسيبها من الإنس فتَشُمّ ثيابه وتبكي ،
فيقول : ألم نَنْهَكم ؟
فتقول برأسها : نعم .
قال قتادة : صار الشبان قردة ،
والشيوخ خنازير ،
فما نجا إلا الذين نهوا ، وهلك سائرهم .
وسيأتي في " الأعراف " قول من قال :
إنهم كانوا ثلاث فرق .
وهو أصح من قول من قال :
إنهم لم يفترقوا إلا فرقتين .
والله أعلم .
والسّبت مأخوذ من السّبت وهو القطع ، فقيل : إن الأشياء سَبَتَت وتمّت خِلْقتها . وقيل : هو مأخوذ من السّبُوت الذي هو الراحة والدعة .
واختلف العلماء في الممسوخ هل يَنْسُل على قولين .
قال الزجاج : قال قوم : يجوز أن تكون هذه القِردة منهم .
واختاره القاضي أبو بكر بن العربي .
وقال الجمهور : الممسوخ لا يَنْسُل ،
وإن القردة والخنازير وغيرهما كانت قبل ذلك ،
والذين مسخهم الله قد هلكوا
ولم يبق لهم نسل ؛
لأنه قد أصابهم السّخط والعذاب ،
فلم يكن لهم قرار في الدنيا بعد ثلاثة أيام .
قال ابن عباس : لم يعش مَسْخٌ قطّ فوق ثلاثة أيام ،
ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل .
قال ابن عطية : وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم وثبت أن الممسوخ لا ينسل ،
[ أخرجه مسلم وأحمد وأبو يعلى من حديث
ابن مسعود وفيه ( إن الله لم يجعل لمسخ
نَسْلاً ولا عَقِباً ، وقد كانت القردة والخنازير
قبل ذلك .
ورواية لمسلم ( قال : فقال رجل : يا رسول الله
القردة والخنازير هي مِمَّا مُسِخَ ؟ فقال :
.... بمثله )
والحديث الذي أورده المؤلف الثابت منه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوله :
( الممسوخ لا ينسل ) وبقيته موقوف على ابن عباس رضي الله عنه ] .
ولا يأكل ولا يشرب ولا يعيش أكثر من ثلاثة أيام .
قلت : هذا هو الصحيح من القولين .
وأما ما احتج به ابن العربي وغيره على صحة القول الأوّل من قوله صلى الله عليه وسلم : ( فُقدت أُمّة من بني إسرائيل لا يُدْرى ما فعلت ولا أراها إلا الفأر ؛ ألا ترونها إذا وُضِع لها ألبانُ الإبل لم تشربه وإذا وُضِع لها ألبان الشاء شربته . رواه أبو هريرة أخرجه مسلم ،
[ أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ]
وبحديث الضب ، رواه مسلم أيضا عن أبي سعيد وجابر ، قال جابر : أُتِيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بضبّ فأبى أن يأكل منه ، وقال : ( لا أدري لعله من القرون التي مسخت )
فمُتَأَوّل على ما يأتي .
قال ابن العربي : وفي البخاري
عن عمرو بن مَيْمُون أنه قال :
« رأيت في الجاهلية قردة قد زَنَت فرجموها فرجمتها معهم » .
ثبت في بعض نسخ البخاري وسقط في بعضها ، وثبت في نص الحديث
« قد زنت »
وسقط هذا اللفظ عند بعضهم .
قال ابن العربي : فإن قيل : وكأن البهائم بقيت فيهم معارف الشرائع حتى ورثوها خَلَفاً عن سلف إلى زمان عمرو ؟
قلنا : نعم ، كذلك كان ؛
لأن اليهود غيّروا الرجم فأراد الله أن يقيمه في مُسُوخهم حتى يكون أبلغ في الحجة على ما أنكروه من ذلك وغيّروه ،
حتى تشهد عليهم كتبهم وأحبارهم ومسوخهم ،
حتى يعلموا أن الله يعلم ما يسرون
وما يعلنون ،
ويُحصي ما يُبدّلون وما يُغيّرون ،
ويقيم عليهم الحجة من حيث لا يشعرون وينصر نبيّه عليه السلام ،
وهم لا ينصرون .
قلت : هذا كلامه في الأحكام ،
ولا حجة في شيء منه .
وأما ما ذكره من قصة عمرو
[ هو عمرو بن مَيْمُون الأودي أبو عبد الله
تابعي مخضرم روى له الستة
توفي سنة 74 هـ ]
فذكر الحميدي [ هو الإمام المحدث الفقيه
محمد بن فتوح الحميدي الأندلسي الظاهري صاحب كتاب الجمع بين الصحيحين وتاريخ الأندلس
توفي سنة 488 هـ . وهو غير الحميدي
صاحب الشافعي وشيخ البخاري ] .
في جمع الصحيحين : حكى أبو مسعود الدمشقي أن لعمرو بن ميمون الأوْديّ في الصحيحين حكايةً من رواية حصين عنه
قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قردة فرجموها فرجمتها معهم .
كذا حكى أبو مسعود ولم يذكر في أي موضع أخرجه البخاريّ من كتابه ،
فبحثنا عن ذلك فوجدناه في بعض النسخ لا في كلها ،
فذكر في كتاب " أيام الجاهلية " .
وليس في رواية النعيمي عن الفَرَبْري
أصلا شيء من هذا الخبر في القردة ،
ولعلها من المقْحَمات في كتاب البخاري .
والذي قال البخاري في التاريخ الكبير :
قال لي نُعيم بن حمّاد أخبرنا هُشَيْم عن
أبي بَلْج وحصين عن عمرو بن ميمون
قال : رأيت في الجاهلية قردة اجتمع عليها قرود فرجموها فرجمتها معهم .
وليس فيه " قد زنت " .
فإن صحت هذه الرواية فإنما أخرجها البخاري دلالة على أن عمرو بن ميمون
قد أدرك الجاهلية
ولم يُبال بظنّه الذي ظنه في الجاهلية .
وذكر أبو عمر في " الاستيعاب " :
عمرو بن ميمون وأن كنيته أبو عبد الله
" معدود في كبار التابعين من الكوفيين ، وهو الذي رأى الرجم في الجاهلية من القردة إن صح ذلك ؛ لأن رواته مجهولون .
وقد ذكره البخاريّ عن نُعَيْم عن هُشَيْم
عن حُصَيْن عن عمرو بن ميمون الأوْديّ مختصراً قال :
رأيت في الجاهلية قردة زنت فرجموها
- يعني القردة - فرجمتها معهم .
ورواه عباد بن العوّام عن حُصين كما رواه هُشيم مُختصَراً .
وأما القصة بطولها فإنها تدور على عبد الملك بن مسلم عن عيسى بن حطّان ،
وليسا ممن يُحتّج بهما .
وهذا عند جماعة أهل العلم منكر إضافة الزنى إلى غير مكلّف ،
وإقامة الحدود في البهائم .
ولو صح لكانوا من الجن ؛ لأن العبادات في الإنس والجن دون غيرهما " .
وأمّا قوله عليه السلام في حديث أبي
هريرة : ( ولا أراها إلا الفأر )
[ أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما ]
وفي الضبّ : ( لا أدري لعله من القرون التي مُسِخت ) [ أخرجه مسلم وغيره ]
وما كان مثله ، فإنما كان ظنا وخوفا لأن يكون الضب والفأر وغيرهما مما مُسخ،
وكان هذا حَدْساً منه صلى الله عليه وسلم قبل أن يُوحَى إليه أن الله لم يجعل للمسخ نسلا ،
فلما أوحي إليه بذلك زال عنه ذلك التخوّف ،
وعلم أن الضبّ والفأر ليسا مما مُسِخ ،
وعند ذلك أخبرنا بقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن القردة والخنازير :
هي مما مسخ ؟
فقال : ( إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك ) .
وهذا نص صريح صحيح رواه عبد الله بن مسعود ، أخرجه مسلم في كتاب القدر .
وثبتت النصوص بأكل الضب بحضرته وعلى مائدته ولم يُنكر ،
فدلّ على صحة ما ذكرنا .
وبالله توفيقنا .
ورُوي عن مجاهد في تفسير هذه الآية أنه إنما مُسِخت قلوبُهم فقط ،
ورُدّت أفهامهم كأفهام القردة .
ولم يقله غيره من المفسرين فيما أعلم ،
والله أعلم .
قوله تعالى : { فقلنا لهم كونوا قردة }
{ قردة } خبر كان .
{ خاسئين } نعت ،
وإن شئت جعلته خبرا ثانيا ل " كان " ،
أو حالا من الضمير في " كونوا " .
ومعناه مُبعَدين .
يقال : خَسَأته فَخَسأ وخَسِئ ،
وانخسأ أي : أبعدته فبَعُدَ .
وقوله تعالى :
{ ينقلب إليك البصر خاسئا }
أي : مبعَداً .
وقوله : { اخسئوا فيها }
أي : تباعدوا تباعد سخط .
قال الكسائي : خَسَأ الرجل خُسُوءا ، وخَسَأته خَسْأ .
ويكون الخاسئ بمعنى الصاغر القميء .
يقال : قَمُؤَ الرجل قماء
وقماءة صار قميئا ، وهو الصاغر الذليل . وأقمأته : صغّرته وذلّلته ،
فهو قميء على فعيل .
_ الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي )
لأبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري
القرطبي – دار الكتاب العربي –
( 1 / 477 - 481 ) .
________
قال الله تعالى : { ولَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ } سورة البقرة 65
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله
في تفسيره : يقول تعالى :
{ ولَقَدْ عَلِمْتُمُ } يا معشر اليهود !
ما أحل من البأس بأهل القرية التي عصت أمر الله وخالفوا عهده وميثاقه فيما أخذه عليهم من تعظيم السبت والقيام بأمره،
إذ كان مشروعًا لهم،
فتحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت بما وضعوا لها من الشصوص والحبائل والبرك قبل يوم السبت،
فلما جاءت يوم السبت على عادتها في الكثرة، نشبت بتلك الحبائل والحيل،
فلم تخلص منها يومها ذلك،
فلما كان الليل أخذوها بعد انقضاء السبت، فلما فعلوا ذلك،
مسخهم الله إلى صورة القردة،
وهي أشبه شيء بالأناسي في الشكل الظاهر وليست بإنسان حقيقة .
فكذلك أعمال هؤلاء وحيلهم لما كانت مشابهة للحق في الظاهر ومخالفة له
في الباطن،
كان جزاؤهم من جنس عملهم .
_ إلى أن قال رحمه الله تعالى :
شيبان النحوي ، عن قتادة :
{ فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين }
فصار القوم قرودا تعاوى لها أذناب بعد ما كانوا رجالا ونساء .
وقال عطاء الخراساني :
نُودوا : يا أهل القرية ،
{ كونوا قردة خاسئين } فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون :
يا فلان ، ألم ننهكم ؟
فيقولون برؤوسهم ، أي بلى .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين حدثنا عبد الله بن محمد بن ربيعة بالمصيصة ، حدثنا محمد بن مسلم
- يعني الطائفي - عن ابن أبي نجيح ،
عن مجاهد ، عن ابن عباس ،
قال : إنما كان الذين اعتدوا في السبت فجعلوا قردة فواقا ثم هلكوا .
ما كان للمسخ نسل .
وقال الضحاك ، عن ابن عباس :
فمسخهم الله قردة بمعصيتهم ، يقول : إذ لا يحيون في الأرض إلا ثلاثة أيام ،
قال : ولم يعش مسخ قط فوق ثلاثة أيام ، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل .
وقد خلق الله القردة والخنازير وسائر الخلق في الستة الأيام التي ذكرها الله في كتابه ، فمسخ [ الله ] هؤلاء القوم في صورة القردة ، وكذلك يفعل بمن يشاء كما يشاء .
ويحوله كما يشاء .
وقال أبو جعفر الرازي عن الربيع ،
عن أبي العالية في قوله :
{ كونوا قردة خاسئين }
قال : يعني أذلة صاغرين .
وروي عن مجاهد ، وقتادة والربيع ،
وأبي مالك ، نحوه .
قال الله تعالى : { واسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ البَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ في السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً ويَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }
سورة الأعراف 163
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره :
هذا السياق هو بسط لقوله تعالى :
{ ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين }
[ البقرة : 65 ]
يقول الله تعالى ، لنبيه صلوات الله
وسلامه عليه : { واسألهم }
أي : واسأل هؤلاء اليهود الذين بحضرتك عن قصة أصحابهم الذين خالفوا أمر الله ،
ففاجأتهم نقمته على صنيعهم واعتدائهم واحتيالهم في المخالفة ، وحذر هؤلاء من كتمان صفتك التي يجدونها في كتبهم ; لئلا يحل بهم ما حل بإخوانهم وسلفهم .
وهذه القرية هي " أيلة "
وهي على شاطئ بحر القلزم .
قال محمد بن إسحاق :
عن داود بن الحصين ، عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : { واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر }
قال : هي قرية يقال لها " أيلة "
بين مدين والطور .
وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، وقتادة ، والسدي .
وقال عبد الله بن كثير القارئ ،
سمعنا أنها أيلة . وقيل : هي مدين ،
وهو رواية عن ابن عباس وقال ابن زيد :
هي قرية يقال لها . " مقنا "
بين مدين وعيدوني .
وقوله : { إذ يعدون في السبت }
أي : يعتدون فيه ويخالفون أمر الله فيه لهم بالوصاة به إذ ذاك .
{ إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا }
قال الضحاك ، عن ابن عباس :
أي ظاهرة على الماء .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : ( شرعا )
من كل مكان .
قال ابن جرير : وقوله : { ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذلك نبلوهم } أي : نختبرهم بإظهار السمك لهم على ظهر الماء في اليوم المحرم عليهم صيده ، وإخفائه عنهم في اليوم المحلل لهم صيده { كذلك نبلوهم }
نختبرهم ( بما كانوا يفسقون ) يقول : بفسقهم عن طاعة الله وخروجهم عنها .
وهؤلاء قوم احتالوا على انتهاك
محارم الله ، بما تعاطوا من الأسباب الظاهرة التي معناها في الباطن تعاطي الحرام .
وقد قال الفقيه الإمام أبو عبد الله بن بطة ، رحمه الله : حدثنا أحمد بن محمد بن مسلم ، حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزعفراني ، حدثنا يزيد بن هارون ،
حدثنا محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود ، فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل )
وهذا إسناد جيد ،
فإن أحمد بن محمد بن مسلم هذا ذكره الخطيب في تاريخه ووثقه ،
وباقي رجاله مشهورون ثقات ، ويصحح الترمذي بمثل هذا الإسناد كثيرا . اهـ
_ تفسير ابن كثير ( 2 / 342 ) .
_______
قال تعالى : { فَلَمّا عتوا عن مّا نُهوا عنه
قلنا لهم كونوا قردة خـاسئين } .
سورة الأعراف 166
قال العلاّمة السّعدي رحمه الله تعالى في
تفسيره :
{ فلَمَّا عَتَوْا عَمَّا نُهُوا عَنْهُ }
أي : قسوا فلم يلينوا، ولا اتعظوا،
{ قُلْنَا لَهُمْ } قولاً قدريا :
{ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ }
فانقلبوا بإذن الله قردة،
وأبعدهم الله من رحمته، ثم ذكر ضرب الذلة والصغار على من بقي منهم ..
عن سهيل – وهو ابن أبي صالح – عن أبيه
عن عائشة رضي الله عنها قالت :
« دخل يهودي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : السام عليك يا محمد !
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وعليك .
فقالت عائشة : فهممت أن أتكلم ،
فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك فسكتُّ .
ثم دخل آخر فقال : السام عليك .
فقال : عليك . فهممت أن أتكلم ،
فعلمت كراهية النبي صلى الله عليه وسلم لذلك،
ثم دخل الثالث فقال : السام عليك .
فلم أصبر حتى قلت : وعليك السام ____________________________
وغضب الله ولعنته إخوان القردة والخنازير !
أتحيون رسول الله بما لم يحيه الله ؟!
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولاً فرددنا عليهم ؛ إنّ اليهود قومٌ حُسُدٌ ،
وإنهم لا يَحْسُدونَنَا على شيء كما يحسدونا
على السلام ، وعلى « آمين » ) .
_ أخرجه ابن خزيمة في " صحيحه "
( 1 / 73 / 2 )
قال العلاّمة الألباني رحمه الله :
وهذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات
رجال « الصحيح » ...
السلسلة الصحيحة ( 2 / 306 )
_______
ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله عند تفسيره
قوله تعالى : { أتحدّثونهم بما فتح الله عليكم }
سورة البقرة 76
قول آخر في المراد بالفتح : قال ابن جُرَيج :
حدثني القاسم بن أبي بَزّة ، عن مجاهد قال :
قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريظة
تحت حصونهم ، فقال :
________________________
( يا إخوان [ وفي طبعة : أيا إخوان ]
القردة والخنازير ، ويا عبدة الطاغوت ) ...
تفسير ابن كثير ( 1 / 309 ) .
________
عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه
( أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا : السام عليك ،
فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم :
السام عليكم ،
فقالت عائشة :
__________________________
السام عليكم يا إخوان القردة والخنازير ،
ولعنة الله وغضبه !
فقال : يا عائشة مه !
فقالت : يا رسول الله أما سمعت ما قالوا ؟
قال : أو ما سمعت ما رددت عليهم ؟
يا عائشة ! لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه ،
ولم ينزع من شيء إلا شانه ) .
أخرجه الإمام أحمد ( 3 / 241 )
_ إرواء الغليل ( 5 / 118 ) .
__________
وقد ذكر الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله :
أن البيهقي روى من طريق .. عن عائشة
« أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها فسلَّم علينا رجل ونحن في البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَزِعاً وقمت في أثره ؛
فإذا بدحية الكلبي ،
فقال : ( هذا جبريل أمرني أن أذهب إلى بني قريظة ؛
وقال : قد وضعتم السلاح لكنا لم نضع ) ،
طلبنا المشركين حتى بلغنا حمراء الأسد ؛
وذلك حين رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم
من الخندق ،
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فَزعاً ،
وقال لأصحابه : ( عزمت عليكم ألاَّ تصلُّوا صلاة العصر حتى تأتوا بني قريظة ) ،
فغربت الشمس قبل أن يأتوهم،
فقالت طائفة من المسلمين : إن رسول الله
صلى الله عليه وسلم لم يرد أن تدعوا الصلاة ، فصلوا ،
وقالت طائفة : والله إنا لفي عزيمة رسول الله
صلى الله عليه وسلم وما علينا من إثم ،
فصلَّت طائفة إيماناً واحتساباً
وتركت طائفة إيماناً واحتساباً ولم يعنف
رسول الله صلى الله عليه وسلم واحداً
من الفريقين .
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرَّ بمجالس بينه وبين بني قريظة فقال :
( هل مَرّ بكم أحد ؟ )
فقالوا مَرّ علينا دحية الكلبي على بغلة شهباء
تحته قطيفة ديباج ،
فقال : ( ذلك جبريل أُرسل إلى بني قريظة
ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرعب )
فحاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يستروه بالجحف حتى يسمع كلامهم
فناداهم :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( يا إخوة القردة والخنازير ) .
فقالوا : يا أبا القاسم : لم تكن فحاشاً فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ
وكانوا حلفاءه فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم » .
قال الإمام الحافظ ابن كثير رحمه الله
ولهذا الحديث طرق جيدة عن عائشة وعن غيرها
وقد اختلف العلماء في المصيب من الصحابة
يومئذ من هو ؟ بل الإجماع على أن كلا الفريقين
مأجور ومعذور غير معنف ...
_ البداية والنهاية مكتبة الصَّفَا
( 4 / 99 - 100 ) .
.. عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر
عن أبيه مرفوعا وقال :
( ما مُسِخَتْ أُمّةٌ قطُّ ، فيكونُ لها نَسْلٌ ) .
الطبراني في الأوسط ( 429 ) : حدثنا
أحمد بن رشدين حدثنا محمد بن سفيان
الحضرمي حدثنا مسلمة بن علي عن محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري عن حمزة بن
عبد الله بن عمر عن أبيه مرفوعا و قال :
« لم يروه عن الزهري إلا الزبيدي » .
قلت : هو ثقة ثبت ،
لكن الراوي عنه مسلمة بن علي وهو الخشني متروك .
غير أن الحديث صحيح ، فقد قال ليث :
عن علقمة بن مرثد عن المعرور بن سويد
عن أم المؤمنين أم سلمة قالت :
« سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم
عمن مُسِخَ ، أيكون له نسل ؟
فقال :
( ما مُسِخ أحد قط فكان له نسل و لا عقب ) .
أخرجه أبو يعلى ( 318 / 2 ) و الطبراني في
" الكبير " ( 23 / 325 / 746 ) .
و ليث - و هو ابن أبي سليم - كان اختلط .
وقد خالفه في إسناده مسعر والثوري فقالا :
عن علقمة بن مرثد عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن المعرور بن سويد عن عبد الله
( يعني : ابن مسعود ) قال :
« وذُكِرَت عنده صلى الله عليه وسلم القردة
والخنازير أنه مما مسخ ، فقال
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يمسخ شيئاً فيدع له نسلا أو عاقبة ، و قد كانت القردة و الخنازير قبل ذلك ) » .
أخرجه مسلم ( 8 / 56 - 57 ) وأحمد
( 1 / 390 و 413 و 433 و 445 و 466 ) .
وتابعه أبو الأحوص الجشمي عن
ابن مسعود به .
أخرجه أحمد
( 1 / 395 و 396 - 397 و 421 ) .
_ سلسلة الأحاديث الصّحيحة وشيء من فقهها
وفوائدها ( 5 / 335 - 336 ) .
_____
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
فقال رحل : يا رسول الله !
القردة والخنازير هي ممّا مُسخَ ؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
( إن الله عزّ وجلّ لم يهلك قوما ،
أو يُعذِّب قوما ، فيجعل لهم نسلاً ،
وإنّ القردة والخنازير كانوا قبلَ ذلك ) .
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في
شرحه على صحيح مسلم :
قوله صلى الله عليه وسلم :
( وإنّ القردة والخنازير كانوا قبلَ ذلك ) .
أيْ : قبلَ مسخِ بني إسرائيل ،
فدلّ على أنَّها ليستْ من المسخِ . اهـ
_ أخرجه مسلم في " صحيحه " كتاب القدر،
باب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد
ولا تنقصض عما سبق به القدر
( 16 / 430 - 431 ) .
دار المعرفة بيروت / تحقيق :
الشيخ خليل مأمون شيحا .
جزاك الله خير اخي الكريم ابوايوب
على
الموضوع الطيب
و
بارك الله فيك يا شيخ
التوقيع - عمر خالد
اللهم انتقم من نعجه سوريا المجرم وأعوانه ومن والاهم ، اللهم يا حي يا قيوم يا جبار السموات والأرض أرنا فيهم عجائب قدرتك ، اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تغادر منهم أحدا،،، اللهم رحماك رحماك باخواننا المسلمين المستضعغين في سوريا الحبيبه ، اللهم وعجل بفرجهم يا رب العالمين ، ولا حول ولا قوة الا بالله .